فساد نظام لا يخلف إلا المفسدين
الخبر:
كشفت معطيات تقرير رسمي صادر عن منظمة الشفافية الدولية، يوم الأربعاء، أن تونس والمغرب كانتا الأقل فساداً بين دول شمال أفريقيا في مؤشر مدركات الفساد 2016. وحصلت تونس على 41 نقطة، مقابل 38 نقطة العام الماضي، وتحتل بذلك المرتبة 75 دولياً، ضمن دول العالم الأقل فساداً. واحتلت المملكة المغربية، المرتبة الثانية في دول شمال إفريقيا، وحصلت على 37 نقطة، مقابل 36 نقطة العام الماضي، وجاءت في المرتبة 90 دولياً، مسجلة بذلك تقدما بدرجة واحدة خلال سنة. ورغم تحسن مؤشر الدولتين في تقرير العام الجاري، إلا أنهما ما تزالان بعيدتين عن تصنيف الدول الأقل فساداً في العالم، الذي تصدرته الدنمارك. وتصدر المنظمة تقريراً سنوياً حول الفساد، وهو تقييم على مقياس يبدأ من صفر إلى 100، يصنف الدول من الأكثر إلى الأقل فساداً، ويستند التقرير على بيانات تجمعها المنظمة من 12 هيئة دولية، منها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي. (المصدر: الأناضول)
التعليق:
إن هذه المؤشرات لا تعكس حقيقة الفساد ولا واقعه، وإن كانت تعبر عن جزء ضئيل منه فهي تقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين. وتعرفه بإنه إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من أجل المصلحة الشخصية.
ولكن أصل الفساد لا ينظر إليه ولا يتحدث عنه، وهو الفساد المقنن الذي يفرض عن طريق القوانين الوضعية والتشريعات البشرية، فتعطي أصحاب رؤوس الأموال القدرة والسلطة على جعل القوانين تتماشى مع رغباتهم ومصالحهم وأهوائهم، وتجعل كل مخالف لها في حكم الفاسد.
والسبب الذي يجعل الدول التي تسمى نامية تحتل دائما مراكز متأخرة في هذا التصنيف، أن أغلبها خاضع للاستعمار التام أو الجزئي فيزيد الطين بلة ويزيد فساد النظام والقوانين، فساد آخر تبرز فيه عقلية الانتهازيين والمتلاعبين، فتجد الحكام والمتنفذين أكبر الفاسدين وأكثرهم سرقة وتفريطا وعمالة، إذ إنهم لا يعيرون قوانينهم اهتماما كبيرا بل قد لا يصبر بعضهم على إجراءات تغييرها وتعديلها لصالحهم، خاصة إذا تعلق الأمر بخدمة أسيادهم وتنفيذ أجنداتهم.
وتونس التي كثر فيها الحديث مؤخرا عن الفساد ومحاربته وبعد إحداث هيئة لمكافحته، وخاصة بعد تولي الشاهد رئاسة الحكومة أراد بعض مسؤولي الدولة إيهام الناس بأنهم انطلقوا في إجراءات متابعة الفاسدين، إلا أنها كانت أغلبها حركات استعراضية تعلقت بحجز بضائع مهربة من صغار التجار في الأسواق الداخلية، ورغم تهديد رئيس الهيئة بفتح ملفات تتعلق بوزراء ومستشارين في القصر الرئاسي، إلا أن ذلك بقي كلاماً وتهديداً وقد يكون لغايات أخرى.
إن تونس بعد الثورة أكدت أن ما يصيبها هو فساد نظام قد لا يسيره إلا الفاسدون فهذه طبيعته، فبعد أن رحل بن علي وعائلته، لم ينته الفساد بل تفاقم وأصبح البعض يطبّع له ويجعله أمرا مألوفا، أكد أن منهجية الحكم بالسياسات والتشريع المعتمدة هي أصل البلاء والفساد، وما دام هذا النظام الرأسمالي قائما فلن ينتهي الفساد ولن ينتهي هذا التدخل الفاحش للدول والمنظمات الاستعمارية وسعيها المتواصل في فرض فسادها العالمي.
يقول تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: 71]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد ياسين صميدة
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس