Take a fresh look at your lifestyle.

العقدة الكبرى والعقد الصغرى – الحلقة الثالثة

 

العقدة الكبرى والعقد الصغرى

 

الحلقة الثالثة

 

 

رأينا ونرى الناس كيف يشقون بعقولهم، بما فرضه عليهم المبدأ الرأسمالي الذي صوّر الحياة تصويراً منحطاً، لا يرقى إلى مستوى البهائم، خرج على الناس بفكرة الحريات، التي انحطت بالإنسان إلى أدنى من درك الحيوان، بل إن الحيوانات كلها لا تفعل كثيراً مما يفعله كثير من بني البشر اليوم، تجد الحيوان المفترس يجوع مثلاً، فيتحين فرصة لفريسة يقتنصها، وما أن يتم له ذلك، حتى يأكل منها إلى أن يشبع، ويشاركه في صيده غيره من بني قطيعه، حتى إذا شبعوا تركوا ما بقي وراءهم، لتأتي بعدهم حيوانات أخرى أضعف منهم ليأكلوا مما تركته الحيوانات القوية المفترسة، فيأكلوا حتى يشبعوا، ثم يتركون ما تبقى، لتأتي حيوانات أخرى، فتشاهد طيوراً تأتي لتأكل، ثم تخرج هوامّ الأرض لتأكل مما تبقى، فتجد الفريسة الواحدة يأكل منها عشراتٌ أو مئاتٌ من الحيوانات، حتى لا يبقى منها إلا العظم الذي يأكله الدود بعد ذلك.

 

لكن الإنسان الرأسمالي ماذا يفعل؟ هل يفعل مثل الحيوانات؟ فيأخذ حاجته ويمضي؟ أم أنه وهو جالس على طعامه في يومه يكون يخطط لطعامه في اليوم التالي؟ أم أنه يأخذ من السوق ما يزيد عن حاجته؟ أم أنه إذا سمع بأزمة حول نوع من الطعام فإنه يسارع إلى السوق ليأخذ أكبر قدر ممكن من ذلك النوع ليخزنه ويدخره، يخاف أن يجوع في الأيام القادمة؟؟ يمتلك…

 

تجد الذكور من الحيوانات لا تأتي إلا إناثها، وبحسب الخلق الطبيعي لغريزة النوع، لكن البشر اليوم في النظام الرأسمالي قد شرعوا في برلماناتهم زواج المثلين، ليأتي الذكر الذكر، والأنثى الأنثى، مما تعافه الحيوانات وتأباه طباعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

تجد شخصاً واحداً يمتلك ما يكفي الملايين من البشر ولا يشبع، ويطمح للمزيد، وتجد الملايين لا يجدون قوت يومهم..

فهل سُعِدَ الناسُ بحمل فكرة الحريات؟ أم شَقوا بها؟ وهل سعدوا بتطبيق المبدأ الرأسمالي عليهم أم شقوا؟

 

والجواب بشكل قاطع بالنفي، لا تكاد تجد واحداً سعيداً من بين مئات وآلاف من الناس، فالأكثرون لم يجيبوا عن أسئلة العقدة الكبرى الإجابة الصحيحة، ولذلك تجد العقدة الكبرى تظهر عندهم باستمرار فتسبب لهم الشقاء، دون أن يستطيعوا أن يحددوا سبب شقائهم، وتظهر لديهم مختلف العقد الصغرى، فالكبرى لم تحلّ لديهم، فكيف تحلّ الصغرى؟

 

وهذا البحث لازم وضروري لكل إنسان بوصفه إنساناً، لأن الحديث عن خواص الإنسان، فيشمل كل من ينطبق عليه هذا الوصف، فيشمل المسلم وغير المسلم، ولربما قال قائل أوليس المسلم قد حل العقدة الكبرى لديه بإيمانه بالله سبحانه وتعالى خالقاً، وباليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، وجنة ونار، وآمن أنه مكلف بعبادة الله تعالى فيعبد الله كما أمر؟

 

ولكن، للأسف الشديد، أن الأكثرين من المسلمين، مع أنهم مسلمون، إلا أنهم لم يحلوا العقدة الكبرى حلاًّ عقلياً يشكل لديهم قاعدة فكرية ينطلقون منها لتشكيل مفاهيمهم الصحيحة عن الحياة الدنيا، ولا أدلّ على ذلك من خوف كثير من المسلمين على حياتهم، وحياة أبنائهم، وخوفهم على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فهل تجد واحداً بالمئة من المسلمين لا يخاف على مستقبله ومستقبل أولاده؟

 

هل تجد مسلماً من بين ألف مسلم يسمح لابنه أن يضحي بنفسه في سبيل الله؟

 

والعجب العجاب أن كثيراً من المسلمين قد تأثروا بالغرب في مسألة إنجاب الأطفال، فصار كثير منهم يقلد الغربيين، من يتزوج منهم، فيخطط ألا ينجب إلا واحداً أو اثنين، وإن سألته كان الجواب: حتى نستطيع إطعامهم، وتدريسهم وتكوين مستقبلهم، وينسى الآيات الكريمة التي يحفظها ويعرفها من مثل (نحن نرزقهم وإياكم)، فيظن الكثير من البشر أنه هو الذي يرزق نفسه، ولسان حال الأكثرين من الناس يقول: (إنما أوتيته على علم عندي)، وتجد الكثير منهم يعبر عن ذلك بقوله: هذا تعبي وعرقي وجهدي ودمي… وغير ذلك مما جادت به علينا المسلسلات والأفلام التي غزت عقول أبناء المسلمين بأفكار الغرب ومفاهيمه، فتجد المسلم مسلماً ببعض العبادات الفردية التي يقدر عليها. وفي ما عدا ذلك من شؤون الحياة فإن النظام الرأسمالي هو الذي يتولى توجيهه وتسييره بحسب ما يريد ذلك المبدأ الذي انحط بأهله وبمن طبق عليهم أيضاً.

 

تجد كثيرا من أبناء المسلمين يدخرون لدنياهم أكثر من ادخارهم لآخرتهم، ولا يختلفون في هذا عن الغربيين الذين يدخرون لآخر أيام حياتهم، حين لا يجدون أحداً يرعاهم في تلك الأيام.

 

تجد المسلمين يحفظون آيات الحكم بما أنزل الله، ويعرفون وجوب تحكيم شرع الله فيما بينهم، ولكنهم لا يجدون غضاضة في المطالبة بدولة مدنية، أو ديمقراطية، سواء أفقهوا معنى كل منهما أم لم يفقهوا.

 

تجدهم يهرب بعض منهم من البنوك الربوية المكشوفة الربا، إلى ما سموه بالبنوك الإسلامية، وكأن ما يقوم به البنك الإسلامي ليس تمويلاً كالتمويل الذي تقوم به البنوك الربوية المكشوفة الربا، ولا يستطيعون أن يدركوا التشابه بين الحالتين إلا بعد أن يكتووا بنار تلك البنوك، حتى يقول قائلهم: إن البنك الربوي المكشوف الربا أرحم من البنوك الإسلامية.

 

ولذلك فإن هذا البحث لازم وضروري لكل واحد من الناس سواء أكان مسلماً أم غير مسلم، ليقوم كل واحد من البشر بحل عقدته الكبرى، فيحل بعدها كل عقده الصغرى.

 

ولكن ما العلاقة بين العقد الصغرى والعقدة الكبرى؟

 

وما هي العقد الصغرى أصلاً؟

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير

أبو محمد – خليفة محمد – الأردن

 


 

لمتابعة باقي حلقات السلسلة

 

اضغط هنا

 

OQdaKubra

 

 

 

 

 

al3uqdato-lkobraa-wal3oqad-assyghraa-03.pdf