ترامب يعطي الأولوية للاجئين النصارى لدخول أمريكا
الخبر:
نشر موقع سي إن إن بالعربية على الإنترنت يوم السبت الماضي الموافق 2017/01/28 مقتطفاتٍ من لقاءٍ صحفي مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أجرته معه (قناة سي بي إن)، وذكر ترامب خلال هذا اللقاء: أن النصارى الذين تعرضوا للاضطهاد ستكون لهم الأولوية على غيرهم من اللاجئين الذين يسعون إلى دخول الولايات المتحدة قائلاً: إنهم تعرضوا “لمعاملة فظيعة”، وقال: “هل تعرف أنك إذا كنت مسيحياً في سوريا فسيكون من الصعب جداً على الأقل أن تدخل الولايات المتحدة، وإذا كنت مسلماً بإمكانك الدخول، لكن إن كنت مسيحياً فإن الأمر أقرب إلى المستحيل، السبب وراء كون الأمر غير عادل هو أن الجميع كان يُضطهد بالتساوي وكانوا يقطعون رؤوسهم، لكن تعرض المسيحيين لاضطهادٍ أكبر، وأعتقد أن الأمر غير عادل، لذا سوف نساعدهم”.
التعليق:
إن ما جاء على لسان ترامب من أن نصارى الشام تعرضوا لاضطهادٍ أكثر من غيرهم من المسلمين عارٍ عن الصحة تماماً، فبعض مدن المسلمين في الشام أوشكت أن تختفي من الخارطة، مثل حمص وحلب وغيرهما، وقتل ما لا يقل عن مليون مسلم، وهُجر الملايين منهم، وهذا لا يخفى على أي متابعٍ لأخبار المحرقة التي أشعلها مجرم العصر بشار الأسد، إلا أن الكذب والدجل وتزييف الحقائق هي من سمات الإدارات الأمريكية ديمقراطيةٍ كانت أم جمهوريةٍ، وبما أن الغاية تبرر الوسيلة عندهم فقد أصبح الكذب منهجاً لهم ومبدأً ثابتاً لا يتغير يلجأون إليه كلما أرادوا تبرير سياساتهم المجحفة وتحقيق أطماعهم خاصةً عندما يتعلق الأمر بالمسلمين وبلاد المسلمين.
أما مذيع قناة ال (سي إن إن) جيم شوتو فقد كذّب ما جاء على لسان ترامب بالأرقام، فقال: إذا نظرنا أولاً للأعداد الكلية للاجئين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة، المسلمين مقابل النصارى، في 2016 دخل 38901 من المسلمين مقابل 37521 من النصارى، هذا من العالم كله. وقالت (بيو ريسيرش) إن أعداد النصارى كانت أكثر، وارتفعت أعداد المسلمين هذا العام لأن العديد ممن تركوا سوريا هم من المسلمين، وإذا نظرنا تحديداً إلى سوريا فإن 99 بالمئة منهم من المسلمين وأقل من 1 بالمئة من النصارى، لكن ذلك يعود إلى أن المسلمين هم الغالبية بسوريا. فآخر الأرقام التي لدينا تشير إلى وجود 93 بالمئة من المسلمين في سوريا مقابل خمسة بالمئة من النصارى.
وطالما أن ترامب (الحنون) يشعر بالأسى والحزن على نصارى الشام فلنا أن نسأله: مَن المسؤول عن اضطهاد وهجرة كل هؤلاء؟ مَن الذي شردهم؟ مَن الذي رمى بهم في التهلكة؟ أليس هو نظام الأسد المجرم الذي أهلك الحرث والنسل؟ أليس هو مَن دمر البيوت على ساكنيها؟ أليس هو مَن حوّل الشام إلى خراب؟ أليست الولايات المتحدة هي مَن يأمر ومن ثم يذعن المجرم بشار لأوامرها؟ ألستم أنتم مَن أعطى بشار الضوء الأخضر ليقتل ويحرق ويفعل ما تأنف الشياطين عن فعله؟ ألستم أنتم مَن دعمتم وما زلتم تدعمون هذا النظام المجرم بالمال والسلاح والمرتزقة؟ وكم من مرةٍ قام مرتزقة إيران بحرق بعض القرى التي يقطنها نصارى ليتم توجيه أصابع الاتهام إلى الفصائل السورية لضرب النصارى بالمسلمين، وكل هذا كان بتوجيهٍ منكم؟
لقد هاجر مسلمو مكة قبل ألفٍ وأربعمائة سنة إلى الحبشة التي كان يحكمها ملكٌ نصرانيٌ هو النجاشي بعد أن قال لهم رسول الله rإن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، ولما أرسلت قريش بعض أبنائها إلى الحبشة ليعودوا بهم بعد أن حمّلتهم بالهدايا للنجاشي وبطارقته، قال النجاشي النصراني للمهاجرين: “إذهبوا فأنتم آمنون بأرضي، مَن سبكم غرم ثم مَن سبكم غرم ثم مَن سبكم غرم، فما أُحب أن لي جبلاً من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم”، وإن مقارنة موقف النجاشي تجاه اللاجئين المسلمين أيام الجاهلية الأولى مع مواقف ترامب تجاه اللاجئين المسلمين اليوم ليدل أن ترامب وأركان إدارته لن يصلوا إلى عشر معشار عدل النجاشي وترفعه عن العنصرية ولو عمّروا ألف سنة أو يزيد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد أبو هشام