حزب العدالة والتنمية يريد التوافق مع ترامب من أجل الحصول على الرئاسة
(مترجم)
الخبر:
كان من أول أعمال الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة دونالد ترامب الذي تسلم الرئاسة من باراك أوباما يوم 20 كانون الثاني/ يناير، وضع قيود على تأشيرات الدخول لرعايا سبع بلاد إسلامية. وفي حين إن العديد من البلدان، وخصوصا تلك التي تم حظرها من الحصول على تأشيرات، أصدرت تصريحات تدين القرار الجديد، إلا أن تركيا كانت أكثر تسامحا إزاء القرار. وانتقد نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش قرار منع التأشيرة في بيانه، وقال: “آمل أن يتم تصحيح هذا القرار”. في المقابل فضل نائب رئيس مجلس الوزراء فياسي كايناك أن يدلي ببيان “أكثر ليونة” فيما يتعلق بالقرار وقال: “إن حظر التأشيرات هو إنكار لتاريخ الولايات المتحدة نفسها”.
التعليق:
إلى متى سوف يستمر ترامب بتقديم صورة منخفضة ومتعجرفة من البيت الأبيض للعالم؟ هذا أمر غير معروف. لكن النظام الأمريكي القائم سيضعه بالتأكيد على الطريق الاستعماري، الذي هو طريق المصالح الأمريكية. في هذا التعليق سوف نقوم بتحليل ما ستؤول إليه العلاقات الأمريكية التركية وكيف ستصبح في عهد ترامب.
أولا، أجد أنه من المفيد القول بأن تركيا تعرضت لمفاجأة من نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. لأن التوقع في تركيا كان في صف مرشحة الحزب الديمقراطي كلينتون لتكون الرئيس الذي سيستمر في نفس نمط وأسلوب أوباما. ولكن فوز ترامب كان “مثيراً للصدمة”. وعلى الرغم من هذه المفاجأة، إلا أن حكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان لم يعتبروا أبدا بأن انتخاب ترامب غير عادي، ويمكننا فهم هذا بسهولة من ردود الفعل الأولية لنتائج الانتخابات. خلال الحملة تحدث ترامب بقسوة كبيرة ضد الإسلام والمسلمين، وقال بأنه سوف يطبق سياسات انفصالية ضد المسلمين إذا انتخب رئيسا للجمهورية. فلن يكون خطأً إذا قلنا بأن حزب العدالة والتنمية من شأنه أن يرد بأسلوب أردوغان النموذجي القوي ذي السقف العالي وفقا لعادته السياسية. ولكن هذا لم يكن صحيحا، بل على العكس من ذلك، وذلك لأن أوباما كان على بعد بضعة أيام من مغادرته فكان يشار إليه بالخروج بينما ترامب كان يشار إليه بالاستقبال.
فكيف استجاب ترامب لهذا الفعل من تركيا؟ فمثلا؛ بعد فوز ترامب بالانتخابات مباشرة طلبت تركيا إرجاع فتح الله غولن بالقول: “أوباما لم يسلمه، على الأقل سلمه أنت”. ترامب لم يستجب حتى لهذا الطلب، لا إيجابا ولا سلبا، وتجاهل هذا الموضوع تماما. ومرة أخرى طلبت تركيا من ترامب عدم تقديم الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية. لكن أمريكا لم تتوقف عن دعمهم بل أظهرت أيضا بأنها سوف تدافع عنهم عن طريق إرسال مركبات مدرعة. وهناك أيضا مبادرة ترامب التي اتخذها حول قضية الأمن في سوريا والتي تدل على أن تركيا لم تأخذ في الاعتبار الشؤون الإقليمية. حيث التقى ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان وتحدث عن إنشاء منطقة آمنة في سوريا. مع أن تركيا، وليس الحكومة السعودية، هي أكثر من عبر عن مشروع المنطقة الآمنة في سوريا. ويبدو أن ما تراه تركيا منطقة آمنة ليس هو ما تراه أمريكا. فأمريكا تسعى لضمان سلامة وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي من خلال مشروع المنطقة الآمنة بينما تركيا تدعو إلى بناء مدن كبرى جديدة والتي تريد بناءها بنفسها في شمال سوريا.
فلماذا لا يرد على ترامب الذي وضع قيوداً على منح تأشيرات لشعوب بلاد المسلمين والمهاجرين؟ ولماذا لا يرد على ترامب الذي يدعم وحدات حماية الشعب ويبقى متجاهلا لمحاولة الانقلاب وطلب إرجاع فتح الله غولن؟ بالمعنى التقليدي، لماذا لم يحذر أردوغان منه على الفور بسبب أقواله السياسية؟ في حين رد الجميع في العالم على قرار ترامب حول منع التأشيرة، لماذا تركيا تعطي رد فعل ضعيف بعد أيام من الجميع والذي ليس لديه أي قيمة؟
هنا هو الجواب على الأسئلة أعلاه: أردوغان سوف يكون أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة الأمريكية في طريقه إلى الرئاسة، وسيبذل المزيد من التنازلات؟
مع النظام الرئاسي، تريد الولايات المتحدة أن تسيطر على تركيا تماما وتضعها في كامل قبضتها. وأردوغان كزعيم متميز ليس له شريك ولا معارض، ويريد الحفاظ على حياته السياسية مع الرئاسة. هاتان المسألتان واضحتان. ويرتبط كل من مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل الرئيس أردوغان في تركيا مباشرة بالرئاسة. ومع ذلك، فمن المهم معرفة كيفية إدارة الولايات المتحدة الأمريكية بترامب والرئيس الأول المنتظر أردوغان لهذه العملية. وبعبارة أخرى، العلاقات الأمريكية التركية هي الآن أكثر أهمية في هذه الفترة الجديدة. رئاسة ترامب لن تغير أساسيات السياسة الخارجية الاستعمارية لأمريكا، ولكن من المتوقع أن تكون طريقتهم في الغرس أكثر صرامة. وبعبارة أخرى، فإنه من المفهوم أن فريق ترامب سوف يستخدم أسلوبا أصعب وأكثر تصعيدا للصراع مع العالم الإسلامي. مايك فلين، الذي عينه ترامب مستشارا وطنيا، أعطى إشارات على هذا. فوفقا لفلين، الإسلام ليس ديناً بل أيديولوجية شرسة تهدد الولايات المتحدة. نوع النظرة هذه من الولايات المتحدة الأمريكية ورؤية الإسلام باعتباره تهديدا لها هو حقيقي. ومع ذلك، فإنه حقيقة أخرى وهي أن الخطر الذي يهدد الولايات المتحدة الأمريكية ليس تنظيم الدولة كما يعرّفه النظام السابق والحكومة الجديدة. إذن السؤال المهم هنا هو ما يلي؛ ما الذي تريده الولايات المتحدة من أردوغان والتي ستعطي تركيا توكيدا بالرئاسة؟
ماذا سيحدث لوعد أردوغان للمسلمين بشأن حرية العراق وسوريا وفلسطين ومصر من الآن فصاعدا؟
كيف سيوافق أردوغان، الذي يدعي أنه زعيم العالم الإسلامي، والذي يدعي أن حقوق المسلمين سوف تكون محمية، والذي يدعي أنه لن يتم التخلي عن القضايا السورية والمصرية والفلسطينية، كيف سيوافق على شراكة مع الكافر المتحدي المتغطرس الذي أعلن صراحة الحرب على العالم الإسلامي مثل بوش. كيف سيخفي هذه الشراكة عن الأمة؟ إذا كان الناس في تركيا لا يرون التنازلات من أردوغان من أجل رئاسة الجمهورية، فهل المسلمون في العالم الإسلامي لا يرونها أيضا؟
في الختام، إن مهمة كل من أمريكا وأردوغان ستكون صعبة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا