مسالخ الأسد البشرية… والاستثمار السياسي الرخيص
الخبر:
وكالات – فرنسا تدعو لمعاقبة الأسد على فظائع سجن صيدنايا، وذلك بعد أن وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير لها مقتلٓ ثلاثة عشر ألفاً من المعتقلين في سجن صيدنايا السوري على يد نظام الأسد منذ عام 2011.
وتحدث التقرير عن روايات رهيبة ومرعبة حول أصناف ووسائل التعذيب، بين السلق في المياه التي تغلي وصولاً إلى الضرب حتى الموت، ووصف التقرير سجن صيدنايا بالمسلخ البشري، والأكثر إثارة للرعب في العالم.
التعليق:
قد يظن بعض الطيبين، أن دوافع وقيماً إنسانية هي وراء مطالبة فرنسا لمحاكمة الأسد على جرائمه، والحقيقة أن الدول الغربية الاستعمارية هي أبعد ما تكون عن القيم الإنسانية، فكراً وممارسة.
فمن حيث الفكر، فإن بريطانيا مثلاً بعد أن وضعت لنفسها الوثيقة العظمى والمسماة الماجنا كارتا عام 1215 والتعديلات عليها في القرون اللاحقة والمتعلقة بالحريات العامة…. إلا أن بريطانيا لم تلتزم بشيء من تلك القوانين في سياستها تجاه الشعوب والأمم التي كانت تحت استعمارها، بل طبقت عليهم قوانين وسياسات عنصرية ودموية سحقت الإنسان وجعلته لا قيمة له.
وكذلك فعلت فرنسا بعد ثورتها عام 1789، فصحيح أنها قد شرعت “إعلان حقوق الإنسان والمواطن”، ولكن ممارسة فرنسا تجاه مستعمراتها وتجاه الإنسان في تلك المستعمرات، كشفت أن لكلمة إنسان مدلولاً خاصاً عند فرنسا، لا يتسع ليشمل غيرهم، وأن الحقوق هي لذلك الإنسان فقط، وتاريخ فرنسا وحاضرها الدموي والعنصري والاستعماري يشهد بذلك.
أما أمريكا، فإنها لا تختلف عن البغيضتيْن، بريطانيا وفرنسا، بل هي ثالثتهما…
قد يقول جاهل إن أمريكا قد انفردت بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وأن هذا الميثاق يعبر عن قيم الحرية التي حملت أمريكا مشعلها. إلا أنّ إطلالةً على التاريخ تُرينا أن ذلك الإعلان الذي أوكلت زوجة الرئيس الأمريكي إلى رينيه كاسان وضع مُسوّٓدتِه المختصرة، قد اعتمد كاسان فيها على “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” الصادر عن الثورة الفرنسية، وعلى “شرعة الماغنا كارتا” الصادرة عن نبلاء بريطانيا عام 1215.
لقد استخدمت أمريكا مقولات الحريات وحقوق الإنسان بعد أن ظهرت على الصعيد السياسي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، واستخدمت أمريكا تلك الشعارات البراقة لاستمالة الشعوب إليها وهي تعمل على الحلول محل الاستعمار القديم المتمثل في بريطانيا وفرنسا.
لكن المتابع العادي يرى أن أمريكا مثلها مثل فرنسا وبريطانيا في سياستها الاستعمارية الدموية، وأنها لا تلقي بالا لأية قيمٍ إنسانية ولا حرمة للإنسان عندها… لا بل إنها عندما تتحدث عن الإنسان وحقوقه، فإنها لا تعني إلا إنسانها، الأبيض.
من كل هذا نصل إلى أن الدول التي مكنت الأسد طوال ست سنوات من ذبح أهل الشام وتدمير مدن على رؤوس الناس، حتى وصل شهداء الشام إلى حوالي مليون، غير الأحياء شبه الأموات من المساجين والجرحى والمهجرين… تلك الدول لن تهزها مذابح الأسد في السجون، ولا تطرح هذه الأمور انتصاراً للإنسان المظلوم، بل تطرحها لتحقيق مآرب سياسية لها هي.
وعلى المطالبين بتدخل تلك المنظمات أن يتوقفوا عن عبثهم، وأن يفكوا ارتباطهم بتلك الدول الاستعمارية القاتلة، وأن يوحد الجميع صفوفهم مخلصين لله ورسوله وللأمة لإسقاط نظام المجرم في دمشق.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس إسماعيل الوحواح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أستراليا