دور العلم والغزو التبشيري في هدم الدولة الإسلامية
الحلقة السادسة والأخيرة:
مناهج التعليم نظرة وجود للغرب الحقود
لقد كان أثر الغزو الثقافي أشد فتكا وضررا من تأثير المدافع والصواريخ والطائرات، فهو يقتل أجيالاً متعاقبة ويقضي عليها قبل أن تولد. فالأمة المهزومة فكريا تنقاد طواعية لإرادة غازيها، وتسلم رقبتها إلى جزارها عن رضا وقناعة دون أن تفكر بالتمرد أو أن تسعى في سبيل الخلاص. فالغزو الفكري هو استعمار أمة من الأمم استعمارا ثقافيا بأسلحة فكرية للهيمنة على عقول أفرادها وزعزعة الثوابت التي ينطلقون منها بالإضافة إلى التشويش على أفهامها مما يدمر قواها الداخلية ويحطم مقوماتها… وهذا ما قد حصل للأمة الإسلامية، فقد صرف الغزو الثقافي المسلمين عن دينهم وساهم في تغيير انتماءاتهم ومسخ هويتهم، فأضعفهم وأبعدهم عن وعي واقعهم المرير وأشغلهم بأنفسهم…
لقد غزا الغرب بلاد المسلمين بسلاح العلم الذي ينتشر من خلال المدارس والمعاهد والجامعات إذ يقول القس زويمر (المدارس أحسن ما يعول عليه المبشرون في التحكم بالمسلمين) وللأسف فقد أقبل المسلمون عليها بكثرة ينهلون منها ولا يميزون صحيحها من فاسدها ونفعها من ضرها، هذه المدارس التي أحيت الثقافات الجاهلية وسعت إلى تمجيد قيم الغرب في نفوس المسلمين المبهورين بما عند الغرب من تطور وتقدم صناعي آنذاك، فنشأ جيل مثقف بثقافة الغرب ويحمل راية الاستشراق ويدعو إليه…
وكان من جراء ذلك وبالإضافة للكثير من العوامل الأخرى والتي ساهمت بإضعاف الأمة الإسلامية، أن استطاع الغرب هدم الخلافة العثمانية وتمزيق الأمة إلى دويلات مع الاستمرار بغرز هذا السلاح المسموم في قلب الأمة وعقلها وطريقة تفكيرها…
نعم لقد نجح الغرب في القضاء على دولة المسلمين وفي هزيمة المسلمين، لكنهم لم ينجحوا في هزيمة الإسلام، ولأن الغرب يعلم أن بقاء الإسلام حيا في نفوس المسلمين سيؤدي إلى نهضتهم من جديد وتعود دولتهم من جديد، لذلك ما زال يركز على إضعاف الإسلام عن طريق مناهج التعليم وتغريب ثقافة الأمة، فهم ينظرون إلى هذه المناهج نظرة مصيرية، نظرة وجود.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى
2017_02_19_Art_The_role_of_the_missionary_invasion_in_the_demolition_of_the_Khilafah_6_AR_OK.pdf