Take a fresh look at your lifestyle.

العقارب والحيات تخرج من أفواه دعاة التطبيع مع كيان يهود

 

العقارب والحيات تخرج من أفواه دعاة التطبيع مع كيان يهود

 

 

الخبر:

 

انشغلت مجالس الناس في السودان هذه الأيام بقضية التعليق على دعاوى التطبيع مع كيان يهود بين مستنكر ومستاء من تلك الدعاوى التي جاهر بها بعض المنتسبين للتيارات الإسلامية، وسرعان ما سارعت الصحف المحلية (بمضغها) وتقديمها للرأي العام وكأنها قضية خلافية تستوجب البحث والنقاش.

 

التعليق:

 

إن قضية تطبيع العلاقات مع كيان يهود والأنظمة العميلة التي تعاقبت على حكم البلاد ليست بالجديدة، فقد بدأت في شباط/فبراير 1956م على خلفية حوار تجاري بين حكومة السودان وكيان يهود بدأ في لندن وتواصل في إسطنبول، إذ التقى مبعوث من الكيان المحتل، بعبد الله خليل وزير الدفاع السوداني حينئذ، والذي أصبح في تموز/يوليو من العام نفسه رئيساً للوزراء، ووصلت العلاقات بين الجانبين إلى إحدى ذراها عندما عقدت وزيرة خارجية الكيان المغتصب (غولدا مائير)، اجتماعاً سرياً ورسمياً مع رئيس الوزراء، عبد الله خليل، في صيف 1957م في أحد فنادق باريس لبحث آفاق التنسيق بينهما. (المصدر: يعقوب نمرودي، رحلة حياتي المجلد الثاني، مكتبة معاريف، 2003م).

 

ثم تعاقبت الحكومات العميلة على السودان ما بين عمالة إنجليزية وعمالة أمريكية وكلاهما يعمل للمحافظة على المصالح الغربية والتي منها مد جسور الود مع الكيان المحتل، وما حادثة ترحيل الفلاشا ـ إبان حكم النميري ـ عنا ببعيدة.

 

الجدير بالذكر أن دعاوى تطبيع العلاقات مع كيان يهود التي تسرح وتمرح في وسائل الإعلام هذه الأيام لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن السياسة الرسمية التي تتبناها الدولة، فقد أوردت المنار في 2016/9/8م ما وصفته بـ(امتداد الخيوط بين الخرطوم وتل أبيب، وبداية الاتصالات المباشرة وعملية التزاور لمسؤولين في الكيان الصهيوني والحكومة) وكشفت مصادر مطلعة لـ (المنار) أن موفدا سودانيا زار (كيان يهود) مؤخرا، وطرح على المسؤولين فيها، الموقف السوداني من ملفات المنطقة، واصطفافه إلى جانب المحور السعودي الذي لا يرى في (إسرائيل) عدوا، واتخاذ الخرطوم قرارا بمواصلة العداء لإيران، ووقف عمليات تهريب السلاح عبر أراضيها إلى حركة حماس) المنار القدس 2016/9/8م.

 

وقد بادر نظام الخرطوم بتقديم مسألة التطبيع مع الكيان للعلن من خلال جلسات ما سمي بالحوار الوطني؛ فقد تقدم ممثل مؤتمر المستقلين ضمن لجنة العلاقات الخارجية بقضية التطبيع التي وافق عليها 41 حزباً من الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني، ورغم أنها اعتبرت من المسائل المعلقة التي لم يتم الاتفاق حولها من قبل المتحاورين إلا أن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية في معرض إجابته للصحفيين عن مسألة التطبيع تؤكد خلاف ذلك حيث قال: (إن بلاده لا تمانع دراسة إمكانية التطبيع مع إسرائيل). الجزيرة نت. ثم أدلى بتصريح مماثل بقوله: (يجب أن يعاد النظر في قضية التطبيع مع إسرائيل وأن كل شيء وارد في السياسة الخارجية)، كل هذا يعني أن هناك مباركة بل مسعى جاداً من الحكومة للارتماء أمام الحذاء الصهيوني، وهذا ما أكده مراسل صحيفة هآرتس عندما جاء في تقريره أن كيان يهود طلب من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية رفع العقوبات عن السودان.

 

وفي هذا السياق نذكر الأمة الإسلامية بوجود مدرسة (براغماتية) داخل كل من التنظيمين الحاكمين في كيان يهود والسودان تؤمن وتعمل للتطبيع الكامل بينهما، جاء ذلك على لسان والي القضارف السابق كرم الله في اجتماع للمجلس التشريعي في دورته الخامسة، تحدث الوالي قائلا: (هناك مدرسة داخل المؤتمر الوطني توافق على التطبيع مع إسرائيل) وقال: (أنا أنتمي لتلك المدرسة). العربي الجديد 2015/11/4م. وفي الجانب الآخر اعتبر حزب الليكود الحاكم أن الدعوة التي بادر بها البعض في السودان للتطبيع مع الكيان هي فاتحة خير، جاء ذلك على لسان الوزير (أيوب قرا) في اجتماع لأعضاء حزب الليكود حيث قال: (هذه الدعوة بمناسبة دعم جاد ومميز للعلاقات الطيبة المتوقعة في العهد الجديد… وهي فاتحة خير ستشهد في أعقابها مفاجأة أخرى في الزمن القريب). أمد للإعلان 2017/2/16م.

 

وهكذا يتبين أن هناك جريمة يعمل عليها الطرفان وهي لا تعتبر مفاجأة بالنسبة للواعي سياسياً فنحن نعلم أن النظام في الخرطوم يعمل على تنفيذ الخارطة الأمريكية في البلاد من خلال معاونته فيما يسمى محاربة (الإرهاب) أي الإسلام – وقد كان – وتركيز العلمانية الكالحة بأيدي حكومة عريضة تفرخها مخرجات الحوار الوطني وتضم في جعبتها المنخنقة والنطيحة وكل أشكال التيار العلماني من مرتزقي السياسة والحركات المسلحة… وهكذا يكون النظام في السودان قد قدم ولاء الطاعة لأمريكا بتبنيه للعلمانية التي ينافس بها أمريكا وكيان يهود فجوراً وجوراً على الإسلام وأهله، وفي هذا الإطار يجب أن تفهم دعاوى التطبيع مع كيان يهود فهي ليست مفاجأة كما وصفها وزير الليكود (أيوب قرا) لكنها قراءة سياسية واعية تعلمها الأمة وتعمل على إبطالها، ولن تنجح العقارب والثعابين في دس سمومها في جسد الأمة مرة أخرى فالأمة لهم بالمرصاد، وكل هذه محاولات بائسة يائسة تقوم بها الدولة ومخابراتها لكسر إرادة الأمة التي ترفض الاعتراف بكيان يهود المغتصب فضلاً عن التطبيع معه.

 

إننا في السودان نعيش وسط الأمة وبينها في مساجدها وأماكن تجمعاتها وندرك تماماً أن جمهور المسلمين في السودان يرفض رفضاً قاطعا كل شكل من أشكال الاعتراف بكيان يهود، بل إن الأهل في السودان يتشوقون للانضمام لجحافل التحرير التي تعيد المسجد الأقصى إلى رحاب المسلمين.

 

إن قضية فلسطين من أمهات القضايا التي تسعى الأمة لمعالجتها، بل إنها جرح نازف لن يندمل إلا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تقطع دابر المتآمرين، وتعيد الأقصى الحزين وكل فلسطين إلى رحاب المسلمين وتضرب يهود ضربات بيد من إيمان وحديد فتنسيهم وساوس الشيطان. قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7]

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عصام الدين أحمد أتيم

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

2017_02_19_TLK_1_OK.pdf