الانتخابات الديمقراطية لم تكن لتقيم سلطانا إسلاميا
ولا لتمنع سلطان كفر
الخبر:
جرت الانتخابات الإقليمة المتزامنة الثانية لاختيار رؤساء المحافظات والمناطق في 101 مدينة في إندونيسيا بتاريخ 15 شباط/فبراير 2017، وعلى الرغم من أن النتائج الرسمية لم تقررها اللجنة الانتخابية ولكن عدة مؤسسات للدراسات الاستقصائية قد أخبرت بالنتائج المتوقعة، وكذا الموقع الرسمي للجنة الانتخابية (كا بي أو) قد أعلم بالنتائج الأولية، منها نتيجة الانتخابات لاختيار حاكم جاكارتا التي حظيت باهتمام بالغ من قبل الشعب وسببت ضجة كبيرة في المجتمع، حيث أخبر الموقع أنه لا فائز بأغلبية ساحقة، لأجل ذلك من المتوقع أن تقام الجولة الثانية لانتخاب رئيس العاصمة في شهر نيسان/إبريل القادم…(الموقع الرسمي للجنة 02/19)
التعليق:
الشيء البارز في الانتخابات الأخيرة هو ظهور النصارى كمرشحين، نعم إن ذلك ليس أمرا جديدا فقد وجد من قبل رؤساء أقاليم في إندونيسيا من غير المسلمين. ولكن الأمر اللافت للنظر هو حدوث ذلك في العاصمة حيث ترشح في هذه الانتخابات الحاكم الحالي أهوك الذي كان في السابق نائبا لجوكو ويدودو قبل توليه منصب رئاسة الدولة. فقد علم أن انتخابات جاكارتا هي تجارب سياسية للانتخابات الرئاسية كما حدث ذلك لجوكو ويدودو فإنه بعد أن فاز في انتخابات العاصمة رشح نفسه في الانتخابات لاختيار رئيس الجمهورية وفاز فيها.
ولا يستغرب أن يرشح نفسه شخص آخر من غير المسلمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد هذه التجربة في العاصمة، وقد صرح رجل الأعمال الإندونيسي، وقطب الإعلام، هاري تانو سوديبجو، باعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2019 حيث قال: “إذا لم يكن هناك أحد أستطيع أن أثق أنه بإمكانه إصلاح مشكلات البلد، فربما أخوض الانتخابات”. وتابع “سوديبجو” في تصريحات للإذاعة الأسترالية، “ليس من أجلي لكن لبلدي”، مضيفًا أن بلده ذات الـ260 مليون نسمة تحتاج قائدًا يتسم بالنزاهة وبإمكانه إيجاد الحلول للدولة… (عربية، 02/01).
وأيضا فإن فوز أهوك في هذه الانتخابات يعني تكريس سيطرة الأصول الصينية سواء أكانت في المجال الاقتصادي أم السياسي زيادة على ما يجري من استعمار الغرب على البلاد. وهذا ظاهر من برامجه الموالية لمصالح الرأسماليين لا سيما الصينيين مثل مشروع استصلاح خليج جاكارتا.
وفضلا عن ذلك فإن ما مارسه أهوك مؤخرا ضد الإسلام والمسلمين من إساءته للقرآن والعلماء هو الذي سبب تحركات المسلمين ضده وليس فقط في العاصمة بل عمت البلد كلها تحت شعار “الدفاع عن الإسلام” المتمثل في الاحتجاجات العديدة غير المسبقة من حيث الحجم في شتى المناطق في إندونيسيا التي ضمت الملايين من المسلمين.
هذه المظاهر هي التي جعلت انتخابات جاكارتا تحظى باهتمام بالغ لدى الشعب لا سيما المسلمين، فإذا كانت آمال الأمة سابقا من مشاركتهم في الانتخابات الديمقراطية هو استعادة سيادتهم وإقامة سلطان الإسلام وتطبيق شرع الله عن طريق وكلائهم ليحل محل أنظمة الكفر المطبق في البلاد، فإنها اليوم – بعد أن فقدت هذه الآمال – تأتي الدواعي والآمال الجديدة للتوسل بالديمقراطية لمنع سيادة الكفار والمسيئين للإسلام والمسلمين. لا شك أن هذه هي حقيقة فكرة التدرج التي حملتها سموم الديمقراطية، لا أن تتدرج الأمة في تطبيق الإسلام بل تتدرج في التنازل عن الإسلام. وكأن هذه السموم تقول لنا يا أمة القرآن، يا أمة الدستور: “صدقوني إنني سأمنعكم من سيادة هؤلاء الكفار المجرمين رغم الخذلان الذي مارسته عليكم مرارا..!”.
أما آن لكم أيها المسلمون أن تنبذوا خرافات الديمقراطية التي لا تجلب لكم إلا الذل والهوان والعيش تحت نير الكافر المستعمر وأدواته في بلادكم؟! أما آن لكم أن تثقوا بأن الانتخابات الديمقراطية لم تكن لتقيم سلطانا إسلاميا ولا لتمنع سلطان كفر، بل هي سلاح الكفر لمقاتلتكم كأمة الدستور والقانون، وهم يعلمون أنهم لن يستطيعوا تحريضكم على التنازل عن دينكم دفعة واحدة… يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ [البقرة: 217]. واعلموا أن جهودكم العظيمة وتحركاتكم الكبيرة لن تضيع إن وجهتموها للعمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي هي مجد سلطانكم وهوان الكفر والطغيان…
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أدي سوديانا