انتهاك حرمات الله بجوار بيت الله الحرام!!
الخبر:
ودعت جدة أمس الأول فعاليات الحدث غير المسبوق “كوميك كون” بمشاركة قياسية تخطت 30 ألف زائر، استمتعوا بالفعاليات التي دعمتها هيئة الترفيه على مدار ثلاثة أيام (عكاظ 2017/02/20).
التعليق:
في الوقت الذي يعاني فيه أبناء بلاد الحرمين الشريفين من أزمات تلو الأزمات منذ إطلاق “رؤية 2030” تتجلى بشكل أساسي في الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي أصبحت تمس كل فرد في هذه البلاد وأزمات سياسية جراء ما يحصل للمسلمين في سوريا واليمن والعراق، واللاتي لم تكن “2030” بمعزل عنها، تخرج علينا “هيئة الترفيه” التي تعتبر جزءا أساسيا من هذه الرؤية، تخرج من برجها العاجي، المفصول عن مشاكل المجتمع وهمومه، وعن مآسي المسلمين وجراحهم، وعن مشاعر المسلمين وأفكارهم، لتبتدع في هذه البلاد بدعة آثمة غير مسبوقة، بحفلات ومهرجانات “فنية” لم يكن “كوميك كون” أولها، ولن يكون آخرها ما دام العنان مطلقا لهذه الهيئة، حيث إنها تخرج علينا كل يوم بإعلان جديد…
لا بد من لفت النظر إلى أصل هذا المهرجان وبلد المنشأ الذي صدَّر لنا مثل هذا النوع من أنواع “الترفيه”؛ فقد ذكرت بي بي سي في تعريفه: “”كوميك كون” هو مهرجان عالمي انطلق من الولايات المتحدة في عام 1970 ويقام سنويًا في نيويورك، بالإضافة إلى عدد من المدن العالمية المختارة وهو يضم عددا من الفعاليات الترفيهية، منها الأفلام والألعاب والخيال العلمي، والقصص المصورة، والرسوم المتحركة. ويحضره جمع من الفنانين وهواة الرسم للتعارف وتقديم أعمالهم. وقد تعرف الجمهور من خلال فن الكوميكس – وهو فن القصص المصورة التي اشتهرت لأجيال عديدة – على بعض الشخصيات التي شغلت خيال الكثيرين، وظهرت في أفلام درّت موارد عالية من قبيل سوبرمان، والرجل الوطواط، والرجل العنكبوت، وميكي ماوس… يحضر المهرجان عدد كبير من الفنانين المشهورين… وأعلنت شركة “تايم” الأمريكية للترفيه، التي تشرف على المهرجان بالتعاون مع هيئة الترفيه السعودية، أن المهرجان يشمل معارض، ومنصات ألعاب ومسابقات، وورش عمل، إضافة إلى سلسلة حوارات مفتوحة مع بعض الفنانين المشهورين الذين شاركوا في بعض المسلسلات العالمية، لنقل تجاربهم للجمهور”. (بي بي سي عربي 2017/02/16).
فكيف لبلاد الحرمين الشريفين قبلة المسلمين ومهبط الوحي ونقطة انطلاق دعوة الإسلام وأكبر البلاد مكانة في قلوب المسلمين أن تتجلى فيها مظاهر الحياة الغربية المعادية للإسلام والمسلمين والمنافية تماما لحياتهم، والتي تجلت فيها الانتهاكات الشرعية غير المسبوقة، من لباس أو اختلاط أو غناء ورقص بين الرجال والنساء على أنغام الماسونية وحركاتهم وملابسهم الأقرب لتلك التي نراها في حفلات عبدة الشياطين في دول الكفر، في نذير واضح لكل مخلص لدينه في هذه البلاد بأن أمواج العلمانية والتغريب قد تغرق البلاد بالويلات ما لم يعِ هؤلاء المخلصون لدينهم على ما يحاك لهم من مكر، فيقفوا سدا منيعا في وجهه كأسلافهم الأسود من الصحابة وتابعيهم من العلماء الربانيين العظماء في تاريخ الإسلام وإن لذلك لبشائر يفرح بها المؤمنون ظهرت بوضوح في الرأي العام لدى ذوي الفطرة السليمة والعقول النقية في هذه البلاد والذين استعظموا هذه الانتهاكات بشدة ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ فهذه الأمة حية وهذه العقيدة محركة لمعتنقها مهما حاولت الحكومات وأذنابها طمس معالمها، ورغم أن وسائل الإعلام الحكومية حاولت التركيز على كبر الأعداد المشاركة في المهرجان والذي كانت مشاركة معظمهم نتيجة الدعاية المضللة التي صورت المهرجان كمجرد معرض صور للأطفال، إلا أن وسائل التواصل الإلكتروني ونبض الشارع الحي، أثبتا أن الغالبية الساحقة كانت مستنكرة مستهجنة لكل ذلك مما اضطر تلك الهيئة الآثمة أن تصرح راغمة أن: “بعض الأنشطة المصاحبة لـ”كوميك كون” مخالفة للتصريح الصادر من الهيئة” (الرياض 2017/02/23).
نعم إن هذا الاستهجان هو الواجب الطبيعي على كل مسلم تجاه أي منكر، وحتى يكون القيام بالواجب على وجهه فلا بد من اتحاد ثلاثة أمور هي: الامتناع عن المنكر، وإنكاره، والعمل لتغييره. والواحدة منها لا تكفي، فيجب على كل مسلم أن يترك هذا المنكر؛ فيمتنع عن حضور فعالياته ويقاطعها حتى يشعر أصحابها أنهم منبوذون من أبناء المجتمع ويدركوا أن لا رواج لبضاعتهم الغربية في بلادنا. ويجب على كل مسلم أن ينكر هذا المنكر، فلا يكتفي بتركه لأن النهي عن المنكر فرضٌ شرعي على كل مسلم تماما كفرض تركه، فيجب إيقاف العاملين على تنظيم هذه المنكرات من هيئات وحكومات ومنظمات عند حدهم، ومنعهم من الفساد والإفساد، بل يجب أن يدركوا أنهم يغامرون بكراسيهم إن هم استمروا في غيّهم، فيجبروا على التوقف عن هذا الانتهاك لحرمات الله، ويكفي لالتزام ذلك تذكر أن ترك النهي عن المنكر كان من أسباب لعن بني إسرائيل وغضب الله عليهم إلى يوم الدين، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78-79]. وأخيرا فإنه يجب أن لا يكتفى بترك المنكر والنهي عنه، فهذا جزء من كل، لا يمكن إتمامه إلا بإدراك أن “هيئة الترفيه” وأمثالها جزء من واقع فاسد، أوجدته التبعية السياسية والحضارية للغرب، وإنه لا بد من العمل الجاد لتغيير هذا الواقع إلى واقع يرضاه الله ورسوله r، يتمثل في منظومة إسلامية متكاملة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام والتعليم منبثقة عن عقيدة الإسلام النقية، فتغيب تلقائيا مثل هذه المحرمات، بل تعود تلقائيا الانتصارات والأمجاد والبطولات، فترك المنكر والنهي عنه لا ينفصلان عن حمل الدعوة الإسلامية النقية كما جاء بها محمد rلمن يبحث عن الفلاح، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104].
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم – بلاد الحرمين الشريفين