Take a fresh look at your lifestyle.

معرض الكتاب والتحول في بلاد الحرمين

 

معرض الكتاب والتحول في بلاد الحرمين

 

 

 

الخبر:

 

أكثر من 550 دار نشر في نسخة 2017م… الوزير الطريفي: 1.8 مليون عنوان في “معرض الكتاب” (جريدة الشرق، 2017/3/10م)

 

التعليق:

 

تشهد مدينة الرياض هذه الفترة من 8 – 18 من هذا الشهر المعرض السنوي للكتاب والذي يحضره المشاركون من مختلف دول العالم، وقد حمل المعرض لهذا العام 2017 شعار “الكتاب… رؤية وتحوّل” وذلك إشارة إلى رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. ويشارك في المعرض هذا العام 550 دار نشر و1.8 مليون عنوان بزيادة 600 ألف عنوان عن العام السابق 2016م حيث تأتي الروايات في صدارة هذه العناوين بنسبة تتجاوز 50% ويأتي الشباب في طليعة الحاضرين حيث إن أكثر من نصف زوار معرض الكتاب من فئة الشباب، المعرض بشكله الحالي يقام بشكل سنوي منذ عام 2008م تحت رعاية وزارة الثقافة والإعلام ولكن المميز به لهذا العام إدراجه ضمن فعاليات وبرامج الرؤية 2030 والتحول 2020.

 

وتعتبر هذه النشاطات الثقافية وما يشابهها ضمن سلسلة المحاولات التي تسعى فيها الحكومات في العالم العربي بشكل عام وبلاد الحرمين بشكل خاص إلى إيجاد ثقافة جديدة تستبدل الثقافة الحالية لشعوب المنطقة وإحلال ثقافة مستوردة من الخارج تغير فيهم طريقة التفكير ومنهج الحياة بشكل عام وذلك عن طريق تمييع الطروحات الفكرية وتسخيفها كما هو الحال في ثقافة القراءة المبنية على الروايات والقصص أو من خلال الأفكار التشكيكية والمغايرة لواقع الأفكار الثابتة والمبنية على العقيدة الإسلامية لتخلق بذلك توجهات جديدة في المجتمع تخالف التوجهات الإسلامية في القالب والمضمون.

 

ومعارض الكتاب وما شاكلها من المناسبات والفعاليات الثقافية والأدبية السنوية تعتبر من النشاطات المجتمعية والتي تعكس بشكل أو بآخر توجهات الناس ومدى وعيهم الفكري، وفي بلاد الحرمين تحديدا فإن إقبال الناس على القراءة والحرص على التفكير بات أمرا ملاحظا بشكل متزايد وواضح للمتابعين ولذلك فإن الحكومة تعمل على ملء هذا الفراغ بما يخدم مصالحها وتوجهاتها، فالفرد في بلاد الحرمين يظهر عليه بشكل جلي حرصه على تغيير واقعه الفكري والمادي المحيط به من كل جانب ويسعى بشكل حثيث إلى إيجاد الحلول لمشكلاته اليومية في مختلف جوانب الحياة وهو أمر إيجابي بحد ذاته غير أن هذا الحرص يصطدم بتوجهات الحكومة والمواد الفكرية التي تضعها أمامه الحكومة ضمن إطار محدد مسبقا لا يستطيع تجاوزه أو الخروج عنه حتى في ظل قوانين الحرية وما تحملها من مغالطات وأخطاء والانفتاح الفكري على الآخرين مع ما يحمله من محدودية وتوجيه مسبق نحو الغرب.

 

إن غزارة العناوين في مثل هذه المعارض وأعداد دور النشر والطباعة وأعداد المؤلفين الشباب والشيوخ بالإضافة إلى الموروث الضخم للأمة الإسلامية في الكتابة والتأليف كل هذه شواهد ماثلة للعيان على أن هذه الأمة ما زالت حية وأنها بالفعل أمة اقرأ وأن محاولات التضليل الإعلامي في إظهار أنها أمة لا تقرأ ولا تفكر ما هي إلا من الأدوات والأساليب التي يستعملها أعداء هذه الأمة في تخذيل أبنائها والتعتيم على مجهوداتهم الفكرية.

 

إن الواجب على من يريد النهوض بهذه الأمة في مجال القراءة أن يعمل على توجيه هذه الطاقات العظيمة فيها نحو قراءة واقعها بشكله الحقيقي ودفعها نحو التفكير بحل ينسجم مع عقيدتها ودينها وأنها خير أمة أخرجت للناس، كما يجب أن يقدم لها المشروع السياسي الأمثل لحل جميع مشاكلها وأن يساعدها في إثبات شرعية هذا المشروع من عند رب العالمين واستحقاق الأمة له إن شاء الله.

 

إن من أهم الأدوار التي يمكن أن تلعبها مثل هذه المعارض – في حال أرادت للأمة الإسلامية النهوض من كبوتها – أن تعمل على تعزيز الطاقة العربية ودمجها بشكل كامل مع الطاقة الإسلامية والتي تشكل الأداة الأهم في فهم الدين الإسلامي ونصوصه الشرعية الفهم الصحيح، كما يجب عليها أن تبين للناس مغالطات الأفكار والمفاهيم الغربية المخالفة للعقيدة الإسلامية في أساسها لتوجه بذلك المجتمع نحو التمسك بعقيدته الإسلامية الصافية.

 

إنه مما يشعر بالأسى في مثل هذه المناسبات ومثل هذه الظروف الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية في مختلف بقاعها، أن تجد من علماء الأمة ومفكريها من ينكبّ على التأليف في الروايات والقصص وتفاهات الكتب أو من ينكب على التأليف في مفاخر المفاهيم الغربية أو من يروج لمؤلفات تهدف في الدرجة الأولى إلى تحقيق المبيعات العالية والمكاسب الدنيوية الزهيدة، فهلا أدرك هؤلاء حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؟!

 

قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ [سورة الرعد]

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين

2017_03_16_TLK_4_OK.pdf