بداية انتهاء الاتحاد الأوروبي
(مترجم)
الخبر:
المفوضية الأوروبية عرضت حديثًا تقريرا يضع خمسة تصورات لما سيكون عليه حال الاتحاد الأوروبي عام 2050، هذا التقرير أخذ مركز الصدارة في قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل جنبًا إلى جنب مع قضايا الهجرة والأمن والدفاع والاقتصاد، مع اقتراح أن الدول الأعضاء قد تندمج بسرعات مختلفة. الورقة البيضاء زادت من احتمالية أن يتراجع الاتحاد الأوروبي إلى الخلف في الطريق التي قطعها منذ بدايته.
التعليق:
لقد كانت سنوات صعبة على الاتحاد الأوروبي، التكامل والاندماج كان أساس ما يسعى إليه الاتحاد لعقود لكن الكثير من هذا الاندماج يقع الآن تحت التهديد من عدم الحدوث. منذ نشأة الاتحاد قبل ستة عقود كان هدفه دائمًا أن يتفوض تدريجيًا قرارات السياسة الوطنية للسلطات الفائقة عالميًا. كل إصلاح مؤسسي منذ الخمسينات أيّد هذا الهدف مما أعطى بروكسيل المزيد من المسؤوليات. وقد قال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنهم يعارضون ضعف المؤسسات الفائقة عالميًا. الورقة البيضاء تحدثت عن مجلدات تُبين كيف تغيرت الأمور في أوروبا.
التقرير يتحدث عن مجلدات حول مستقبل الاتحاد الأوروبي، لكن يجب تذكر أن الاتحاد الأوروبي جرب العديد من الأفكار المجملة في الورقة البيضاء. الاندماج والتكامل في الكتلة كان دائمًا يسير في سرعات مختلفة لعدة عقود. بعض الأعضاء استخدموا اليورو كعملة لهم، بينما لم يفعل آخرون. البعض من أعضاء اتفاقية شنغن يسمحون بجواز السفر الذي يتيح حرية التنقل، بينما آخرون لا يسمحون بذلك. وبعض الدول أعفيت من الاشتراك في تكوين هيكل الاتحاد الأوروبي في الشؤون الداخلية والتعاون الأمني. لكن قبل نشر الورقة البيضاء، التوقع المركزي لكتلة الاتحاد كان بأن كل أعضاء الاتحاد الأوروبي يلتقون يوما واحدا حتى في المستقبل البعيد.
الورقة البيضاء تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي أقر رسميًا بأن الاندماج قد لا يحدث مطلقا. قبل سنة من الآن، رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون قال في مفاوضات مع بروكسيل إنه يريد أن تُستثنى المملكة المتحدة من هدف الاتحاد الممثل بعبارة “اتحاد أوثق من أي وقت مضى”.
عقب استفتاء (بريكست)، قادة الاتحاد الأوروبي اعترفوا بأن المبدأ غير واقعي. الاتحاد الأوروبي تعرض لاتهام بأنه غير مرن وغير قادر على التكيف مع تغيرات المجتمع ومع البيئة الاقتصادية والسياسية. الورقة البيضاء هي محاولة ذرائعية، إنها تبين بداية الجهود المتضافرة لكتلة الاتحاد للسيطرة على تجزئتها بدلا من إنكار ذلك.
ردود الفعل على الورقة البيضاء واضحة جدا، الدول ذات الاقتصاد الضخم في قلب منطقة اليورو بما فيها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بينت دعمها لمقولة “أوروبا متعددة السرعات” والتي من خلالها بعض الأعضاء يتقدمون نحو تكامل أعمق في حين إن البعض انسحب. من جانب آخر الدول في مركز وشرق أوروبا تم تحذيرها من خطر انتقال مركز الاتحاد من محيطها.
دول مثل بولندا وهنغاريا بالرغم من انتقادها للاتحاد إلاّ أنها ما زالت تعتبر الاتحاد الأوروبي مصدراً حيوياً للتمويل والحماية، وطالبت بروكسيل بإعادة سلطة صنع القرار إلى الهيئات التشريعية الوطنية. لقد تسببت لهم بمشكلة بسبب فكرة أن جوهر الاتحاد قد يزيد التكامل والاندماج بدونهم. على سبيل المثال، احتمالية أن ألمانيا وفرنسا يمكن أن تنسقا سياستهما تجاه روسيا دون التشاور مع باقي الكتلة هو أمر مربك خاصة لبلدان الكتلة الشرقية مثل بولندا ورومانيا.
الورقة البيضاء تؤكد بأن الكتلة ليست فقط تتحرك في سرعات مختلفة وإنما في اتجاهات مختلفة أيضا. الأزمة المالية العالمية وأزمة الهجرة كشفت أوجه القصور الداخلية في الاتحاد الأوروبي. صعود مشاعر القومية ومشاعر التشكيك في أنحاء أوروبا أجبرت أفراد ومؤسسات الاتحاد الأوروبي على التعامل مع حقيقة أن حلم أوروبا الفدرالية قد لا يتحقق…
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان