Take a fresh look at your lifestyle.

ارتباك الديمقراطية في رفض “محاولات تسييس الدين”

 

ارتباك الديمقراطية في رفض “محاولات تسييس الدين”

 

 

الخبر:

 

في الأسابيع الأخيرة حصلت الردود لمحاولات “تسييس الدين” في إطار الانتخابات المتزامنة لاختيار رؤساء المحلية في إندونيسيا، لا سيما في انتخابات رئيس العاصمة جاكارتا للجولة الثانية التي ستعقد في شهر نيسان/أبريل القادم. قالت إحدى السياسيات من حزب الديمقراطية للنضال إيفا سونداري: “هم لا يريدون أن يسيئوا، لكنهم حاولوا تسييس الدين وذلك هو عين الإساءة” (كومباس كوم، 17 آذار/مارس)، وقال رئيس مؤسسة البحوث وتنمية الطاقات البشرية للمجلس التنفيذي لنهضة العلماء، رمادي أحمد، إن محاولات ” تسييس الدين” في انتخابات رئيس العاصمة قد وصلت إلى حد غير معقول وجرعة زائدة. (تيمبو كو، 17 آذار/مارس).

 

التعليق:

 

إن مصطلح “تسييس الدين” ليس مصطلحا جديدا بل هو قديم كباقي الحملات لتجريم شرائع الإسلام مثل الراديكالية، والتطرف، والتشدد، وضد التعدد، وغيرها من المصطلحات.

 

فقد جرت إعادة تصعيد هذا المصطلح مؤخرا نتيجة رفض المسلمين تولية الكافر منصب الرئاسة وبالتالي رفض أهوك النصراني، ولا سيما أنه أظهر عدوانه للإسلام وإساءته لحرماته. ثم ازداد ذلك حينما رفعت الشعارات في بعض المساجد في جاكارتا عن رفض الصلاة في تلك المساجد على جنائز الذين أيدوا أهوك في الجولة الأولى من الانتخابات على أساس أنهم منافقون.

 

الأمر الأساسي لهذه القضية هو عدم تحديد ما يسمى بتسييس الدين، لأن رفع بعض الشعارات الإسلامية في الانتخابات الديمقراطية خاصة في البلاد الإسلامية هو أمر وارد حتى من المرشحين الذين تدينوا بالديانات غير الإسلامية، كما حصل ذلك من أهوك ومؤيديه، فزياراتهم للمعاهد عند الحملات الانتخابية، واستغلال بعض من تلبسوا لباس العلماء، ومحاولات إحضار أحد مشايخ الأزهر عمرو وارداني كشاهد مؤهل في محاكمة أهوك رغم فشلهم في ذلك، ومحاولات التحريف لبعض فتاوى وأقوال العلماء في إجازتهم لتحكيم الكافر، وغيرها من المحاولات فإن ذلك من هذا القبيل، سواء بسواء،. فالأمر الواقع هو أنهم ما رفعوا شعار “رفض تسييس الدين” إلا حينما شعروا بالفشل والخسران وضعف تبريرهم، وإبعادا للمسلمين عن التمسك بدينهم.

 

نعم، وبالتأكيد فإن محاولات تسييس الدين موجود ولا قبل لدفعه، ولا سيما في شعب كان المسلمون أكثرية فيه، وذلك ناتج عن النظرة الميكافيلية بأن “الغاية تبرر الوسيلة” التي هي الأصيلة في الديمقراطية، وهو ظاهر بمؤشرات تالية، كما قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في إندونيسيا، الأستاذ فريد وجدي، أولا: عدم جعل الإسلام أساسا وغاية للسياسة، لأجل ذلك فلننتبه لكل من تلبسوا بثوب الإسلام ولم يجعلوا الإسلام أساسا لعملهم وسياستهم، ثانيا: التنافي في استعمال الأدلة وعدم الاستقامة الناتج من مجرد التبرير، مثل ما قامت به الأحزاب السياسية اليوم، التي رفعت شعار رفض تولية الكافر في مدينة جاكارتا وفي الوقت نفسه رشحت الكافر في مدن أخرى بذريعة الضرورة، ثالثا: فوضى شخصية هؤلاء السياسيين وعدم انضباطها، في حين إنهم رفعوا شعار الإسلام وفي الوقت نفسه تعاملوا بالربا، وقاموا بالظلم والفساد.

 

ولكن يبقى أن ذلك لا يعني ضرورة فصل الدين عن السياسة، كما روج ذلك العلمانيون والليبراليون. بل هو بالعكس، لأن السياسة في الإسلام أصيلة لقول رسول الله e، «كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهُمُ الأنبياء، كُلما هلك نبي خلفهُ نبيٌّ، وإنهُ لا نبيَّ بعدي، وسيكون بعدي خُلفاء فيكثُرون»، فلا مكان لفكرة فصل الدين عن السياسة في الإسلام، فالإسلام دين ومنه الدولة. فكما قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: “والملك والدين توأمان فالدين أصل والسلطان حارس، وما لا أصل له فمهدوم وما لا حارس له فضائع”. وإن تطبيق كافة شرائع الإسلام في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة، هو الذي سيحقق سياسة الإسلام وهو الذي سيسكت كل محاولات تجريم شرائع الإسلام وكل تُهم تحت شعار “عدم تسييس الدين”.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أدي سوديانا

 

 

2017_03_23_TLK_4_OK.pdf