ردة فعل السلطات على تزايد الشعور الاحتجاجي في روسيا
(مترجم)
الخبر:
في الثاني من نيسان أذاعت (إنترفاكس روسيا) بأن أكثر من 40 شخصاً من بينهم أحداث تمت مرافقتهم بحافلات الشرطة في وسط موسكو بسبب محاولة تنفيذ اعتصام غير مصرح به. بحسب مصدر أمني يوم الأحد.
التعليق:
لم يقم أحد من ممثلي المعارضة بإعلان المسؤولية عن تنظيم الاعتصام الذي تم في الثاني من نيسان، إلا أنه وكمحاولة لفهم الوضع يجب الرجوع إلى احتجاجات السادس والعشرين من آذار، والتي نظمها رئيس مؤسسة مكافحة الفساد أليكسي نافالني. قامت هذه المؤسسة بنشر فيلم عن الفساد وبالأدق عن الأموال غير المنقولة لرئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، والتي تفوق بثمنها حجم دخولهم المعلنة. وعلى أثر تجاهل السلطات للأسئلة التي تم طرحها على رئيس الوزراء بعد عرض الفيلم، الذي تعدى عدد مشاهداته على اليوتيوب الـ 15 مليون مشاهدة، قام نافالني بتقديم طلب لإقامة اجتماع في 99 مدينة روسية. في بعض المدن تم الاتفاق مع السلطة على مكان ووقت إقامة الاجتماع، إلا أنه في معظم المدن ومن ضمنها موسكو خرج الناس للاحتجاجات بعد تحذير السلطات من مغبة الخروج في اجتماعات غير مصرح بها.
الأمر غير المتوقع للسلطة وللمعارضة هو أن دعوة نافالني للخروج للشارع قد استجاب لها الناس بخروجهم بعشرات الآلاف للشوارع. وعلى الرغم من سلمية الاحتجاجات فإن الآلاف قد تم اعتقالهم والعشرات من ضمنهم نافالني تم حكمهم إداريا بالسجن من يومين إلى 20 يوما.
وسائل الإعلام الفدرالية لم تسلط الضوء على الاحتجاجات وفعليا لم يعلقوا عليها، إلا أن الأعداد الكبيرة جدا لم يكن ممكنا أن يتم إخفاؤها، ومن ثم فإن معظم من تم اعتقالهم هم من أعمار الطلاب. وكمساندة للمعتقلين بدأ السياسيون والصحفيون والمخرجون المعروفون والممثلون والمثقفون بالكلام عن هذا الموضوع. المجتمع أثار الموضوع والسلطات وجدت نفسها مضطرة للتعليق على ما يحدث. في مجلس الدوما وفي المجلس الاتحادي تحدثوا عن استحالة السكوت على ما يحدث بل وطلبوا من لجان التحقيق أن تحقق بشبهات الفساد بما يخص مدفيديف.
تزايد حدة الاحتجاجات جددت العزم في كل المعارضة الروسية. حركة (روسيا المفتوحة) في المقدمة مع الرئيس الأسبق لشركة النفط (يوكس) ميخائيل خادركوفسكي أعلنت عن تحرك احتجاجي في كل روسيا في الـ 29 من نيسان، ولكنها ليست ضد فساد مدفيديف بل ضد الرئيس بوتين، بدون أي كشف عن أية معلومات عن شكل وطبيعة الاحتجاج الذي يتم التحضير له دعا لدعمه ناشرا على صفحة الفيسبوك الخاصة به صورة لبوتين وتحتها شعار (مللنا منك).
مما يجدر ذكره أنه بالذات حجم دعم الاحتجاج برئاسة نافالني قد دفعت المعارضة إلى تحرك أكبر نشاطا. تقريبا قبل أسبوع من أحداث 26/3 ألقى خادركوفسكي محاضرة في برلين وقد ذكر فيها عن ضرورة انضمام روسيا للاتحاد الأوروبي وقد قال حرفيا: (لا يمكن توقع عدم الرضا الشعبي من تغير النظام الحالي)، وأضاف أن تغير نظام بوتين من الممكن حدوثه خلال 6-8 سنوات، إلا أنه أعلن عن الأعمال ضد بوتين بعد أسبوع، حيث إنه أصبح واضحا تزايد مزاج الاحتجاج في روسيا.
كل هذه الأحداث المتتابعة واحتمالية تزايد الاحتجاج لم تستطع أن لا تستفز إجراءات مضادة محضرة من قبل الكرملين في حال عدم الاستقرار السياسي. وبالنظر إلى كيفية تنظيم تحركات 2 نيسان فقد كان مقابلها إجراءات مضادة. أول رسالة على المواقع الإلكترونية لدعوة الناس للمشاركة في الاحتجاجات في الـ2 من نيسان ظهرت في اليوم التالي من الاحتجاجات الضخمة في الـ 26 من آذار وعندما اقترب الموعد أعلنوا عنها في وسائل الإعلام ومن ضمنها التحذير من المشاركة والمحاسبة إذا تمت المشاركة في مظاهرات غير مرخصة من قبل الدولة.
المنظمون لم يدعو للاحتجاج ضد الفساد بل وأيضا ضد مشاركة روسيا في الحرب في أوكرانيا وسوريا إلا أن هذه الدعوة بقيت سرية وهذه السرية من قبل المنظمين هذه المرة دلت على أن السلطات خلفها، وذلك لأن أي معارضة تستفيد من المكاسب السياسية من مثل هذا الإجراء والتي تهتم بالانفتاح ولفت النظر.
أحداث 2 نيسان أكدت هذه النتائج وذلك لأنها وبالمقارنة مع احتجاجات 26 آذار فإن وسائل الإعلام المقربة من الكرملين قد ركزت الاهتمام على أن من خرج ضد الدولة كانوا عدة مئات فقط وعشرات منهم تم احتجازهم قانونيا وذلك لمشاركتهم في احتجاجات غير مرخصة. وفي البرامج الحوارية المسائية على القنوات الاتحادية، حاولوا إقناع المشاهد بأن من يقف خلف هذه الاحتجاجات هم أعداء روسيا.
وبهذا، فإن بعض تخبُّط السلطات بعد أحداث 26 آذار، هو تعديل نشر التحضيرات على إجراء هذا الحدث لمنع تفاقم الاحتجاج الشعبي إلى مستوى يهدد الكرملين. ولا شك أن هذه الإجراءات تفهم على أنها تشديد من النظام وذلك لأن الكرملين قد ذعر بحق من خروج الأحداث من دائرة السيطرة…
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان إبراهيموف