الشام بين مجازر مروعة وسراب أمريكي خادع
الخبر:
توالت ردود الأفعال والتصريحات بعد المجزرة المروعة التي قام بها النظام السوري المجرم في خان شيخون والتي كان أغلب الضحايا فيها من الأطفال، وكان من أبرز ردود الفعل هذه قيام البحرية الأمريكية بهجمة صاروخية على مطار الشعيرات العسكري، وعلى خلفية هذا الرد صرح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أن الهجمة الصاروخية لا تعني تغييرا في موقف واشنطن العسكري في سوريا (الجزيرة، 2017/04/07).
وفي السياق نفسه قالت سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نكي هيلي بأن “إزاحة الأسد وتغيير النظام هي إحدى أولويات إدارة الرئيس ترامب” (العربية، 04/09) عن برنامج “ستيت أوف ذا يونيون” على قناة “سي أن أن”، ذلك وفي الوقت نفسه قال وزير الخارجية الأمريكي من خلال برنامج (واجه الأمة) على قناة سي بي إس “نأمل أن نتمكن من جعل جميع الأطراف السورية يجلسون إلى الطاولة لبدء عملية المناقشات السياسية” (العربية، 2017/04/09).
التعليق:
منذ اليوم الأول من ثورة الشام المباركة وأمريكا أم الإجرام تحاول جاهدة إجهاضها وتكريس حل يحفظ بقاء النظام السوري العميل لها، فبعد أن جاءت بزبانيتها المتمرسين بالإجرام والقتل لوأد الثورة في مهدها، وظفت عملاءها في تركيا والسعودية وغيرهما لاختراق الثوار بواسطة الدعم بمال سياسي مشروط وأسلحة بسيطة، غير أنها ولله الحمد والمنة لم تستطع أن تثني أهلنا في الشام عن المضي قدما في ثورتهم المباركة إلا نفراً قليلاً ممن غرهم المال وأعمى بصائرهم وأوقعهم في حبائلها.
وها هي اليوم وقد باء كل عملائها ووكلائها بالقتل والإجرام بفشل ذريع بإملاء سياستها وفرض الحل الذي يرضيها، وبعد أن عاينت تهالك النظام وأعوانه إثر الهجمات الأخيرة التي شنها الثوار في دمشق وريفها وحماة وغيرها من مدن الشام، ها هي تنخرط بنفسها وتعود لاتباع سياسة التنكيل عبر النظام وأعوانه للضغط على حاضنة الثورة، والظهور بمظهر المشفق والمهتم لمعاناة الشعب السوري، فتقوم بطرح ما تراه “حلا مناسبا” يخلص الناس وينقذهم من بطش النظام وويلات الحرب، أما الجديد في الأمر فهو تلك الضربة الصاروخية الرمزية التي لا ينبغي لعاقل أن يظن (أنها تعني تغيرا في موقف واشنطن)، بل تعزى لأسباب عدة منها التغيير الذي حصل في واشنطن من وصول الجمهوريين للرئاسة، وهم المعروف عنهم سهولة لجوئهم إلى القوة المادية لفرض رؤيتهم، ومنها أيضاً تسهيل الخيانة وإعطاء الأعذار لمن ارتمى ويريد أن يرتمي في أحضانها، ومحاولة إضافة بعض المصداقية للتصريحات المعسولة كمثل تلك في الخبر أعلاه على لسان نكي هيلي سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة.
نعم إن هذه السياسة القذرة كانت أمريكا قد اتبعتها مراراً وتكراراً في عهد الرئيس السابق أوباما، فكم من مجزرة ارتكبت بحق أهلنا في الشام، وكم من محاولة قامت بها أمريكا وكم من تصريح أطلقه سياسيوها، وكم من “جلسات إلى الطاولة لمناقشة العملية السياسية” ولم تحرك أمريكا ساكنا بل هي من كانت تعطي الضوء الأخضر لارتكاب المجزرة تلو الأخرى، وفيما حصل في حلب من قتل وترويع، وما تلاه من “مفاوضات” أستانة وجنيف، مثال واضح على تلك السياسة الدنيئة.
إن تنكيل أمريكا وخداعها ومكرها ﴿وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ لم يعد ينطلي على العاقل من أهلنا في الشام ولا حتى على الصبي الصغير، فهم قد أيقنوا أنهم ما لهم إلا الله وأنه تعالى كافيهم وناصرهم إن هم صبروا على التمحيص واعتصموا بحبله وقطعوا ما دونه من حبال، وجعلوا استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة نصب أعينهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد بليبل