سرّ أوروبا المشين (مترجم)
سرّ أوروبا المشين
(مترجم)
الخبر:
أصبحت الجزر اليونانية في بحر إيجة بحكم مراكز توقيف؛ أرض قُذف فيها ما يقارب من 14.000 إنسان لا يستطيعون الحركة حتى يتم إصدار تصاريح لهم بذلك وخائفين مما ينتظرهم. ويقول ماكيس مايلوناس، مستشار سياسي في مجلس البلدية “أي شيء ممكن أن يحدث لأن كل شيء معلق بخيط”، “تمت التضحية بكايوس وساموس، وكوس وليروس بذريعة تثبيت أوروبا عن طريق منع دخول المهاجرين” كما ادّعى وهو يُسمي الجزر التي تستمر في تحمل عبء تدفق اللاجئين. (جريدة الغارديان، 2017/04/28).
التعليق:
يُبرز التقرير المعنون “سر أوروبا المشين” معاناة اللاجئين الذين استطاعوا الوصول إلى أوروبا وينتظرون إجراءات اللجوء السياسي.
وقال أحد اللاجئين من نيجيريا وهو يبتسم ساخرًا مخفيًا حقيقة حاله “تستطيعون القول إن الجغرافيا هي من أحضرتني إلى هنا، ولكن لم يكن يجب أن تجعل مني سجينًا”.
من خلال القراءة المستمرة حول أوضاع اللاجئين السيئة ومعاملتهم، من الأفضل أن نقول إن الموضوع أكبر بكثير من أن يكون سرًا ولكنه مؤشر على مصائب المبدأ الرأسمالي الغربي الذي يتلاعب بأرواح البشر في كافة أنحاء العالم.
إثارة الفوضى في بلاد بعيدة جدًا من أجل المكاسب الجيوسياسية والسيطرة على الثروات بدأت مع الطموح الاستعماري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، واليوم لا يختلف الأمر البتة. إن الفارق الوحيد هو أن المتضررين من هذا الوضع اليوم يتّجهون إلى أبواب أوروبا والأمر أصبح غير مريح مطلقاً. سياسات الهجرة الصعبة وصعود اليمين المتطرف وغيره هي ردّ فعل مباشر على هذه الظاهرة.
إن نظرة الرأسمالية الغربية إلى الإنسان قد أوجدت عالمًا يُعتبر فيه المظلوم والمضطهدون والفقير والمقتول عبئا وليس ضحية. إن سياسات الحكومات الغربية هي المسؤولة عن تدفق اللاجئين والآن هذه الحكومات نفسها تتلاعب بأرواحهم مرةً أخرى. عملية إجراءات اللجوء السياسي طويلة جدًا وغير مضمونة وفي هذه الأثناء أماكن توقيفهم غير آمنة وغير صحية ولا توفّر سوى ملاذ بسيط.
للإسلام نظرة فريدة في التعامل مع الإنسان. إذا كنت تسعى لملاذ آمن في دار الإسلام فإنك تُعامل بصفتك تحمل التابعية بكافة الحقوق، بغضّ النظر عن الدين أو العرق. كل الرعايا يأخذون حقوقًا متساوية وتوفر لهم الدولة المسكن والتعليم وغيره، بالإضافة لذلك تعتمد سياسة الإسلام الخارجية على نشر رحمة الإسلام من خلال نظام الإسلام وليس عن طريق قصف المدن للقضاء على الدول ونهب ثرواتها وبعد ذلك يفاجأون بهجرة السكان!!
إن المضطهدين اليوم في العالم لا يوجد لهم مكان يذهبون إليه من أجل ضمان حقوقهم ولا ينعمون بالأمن ولا يوجد لديهم مستوى معيشة مقبول أو أدنى حقوق في بلادهم. ومن زيادة الشدة والصعوبة تعيش بأمل وعد الله سبحانه ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 3]
لقد انكشف وجه الرأسمالية القبيح مرةً تلو الأخرى. وإن استبدال نظام عادل بها؛ نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هو الحاجة الأكثر إلحاحًا في هذه الأيام.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نادية رحمان