نظرة على القرارات السعودية الأخيرة
الخبر:
أصدر الملك سلمان عبد العزيز 42 قرارا بتاريخ 2017/4/23م
http://www.spa.gov.sa/listnews.php؟lang=ar&royal=1#page=1
تبعها مقابلة للأمير محمد بن سلمان بتاريخ 2017/5/2 للحديث حول هذه القرارات وغيرها.
التعليق:
يمكن تقسيم هذه القرارات على النحو التالي:
أولا: قرارات صدرت لامتصاص استياء الشعب:
– ومن القرارات البارزة للملك سلمان إعادة بعض البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين، التي كان مجلس الوزراء السعودي قد خفض بعضها وألغى بعضها الآخر في أيلول/سبتمبر الماضي في إطار قرارات تقشفية خفض فيها الملك مخصصات السكن والإجازات والمرض فانخفضت بعض المرتبات بمقدار الثلث وفي الفترة نفسها ارتفعت فواتير الخدمات العامة مع انخفاض الدعم. ويعمل ثلثا أهل السعودية تقريبا في الإدارات الحكومية، وقد استاء الكثيرون من هذه السياسات التقشفية وتساءلوا لماذا لا يتقشف الأمير الذي أنفق نصف مليار دولار على يخت؟
– وأمر الملك بصرف راتب شهرين مكافأة “للمشاركين في الصفوف الأمامية لعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل” العسكريتين في اليمن “من منسوبي وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني، ورئاسة الاستخبارات العامة”. والسبب لهذه المكافأة أن الكثير منهم أصبح لا يرى أية فائدة من حرب اليمن وأنها ستستمر إلى مدى طويل دون نتيجة، وإضافة لذلك فقد تسببتا بنتائج سلبية مؤثرة على الاقتصاد استعملتها الحكومة كإحدى الذرائع للتقشف.
ثانيا: قرارات لتقوية نفوذ محمد بن سلمان
– ومن أبرز هذه القرارات إنشاء مركز باسم “الأمن الوطني” يرتبط تنظيمياً بالديوان الملكي وبقيادة محمد بن سلمان وهذا الجهاز، ستخول له صلاحيات واسعة، بتقليص الصلاحيات والمهام التي كانت موكلة لمحمد بن نايف “بشأن الأمن الداخلي، واضطلاعه بمهام مكافحة (الإرهاب) وتهميش “مجلس الشؤون السياسية والأمنية” الذي لم يمض وقت طويل على إنشائه، ويخضع لإشرافه.
– وأعلن القرار استحداث وظيفة في الديوان الملكي باسم مستشار الأمن الوطني لرئاسة المركز وتعيين محمد الغفيلي مستشارا للأمن الوطني والغفيلي لا يحمل أي خبرة أمنية فهو يشغل حالياً منصب وكيل الوزارة المساعد للشؤون المالية الدولية في وزارة المالية وعمل قبلها باحثاً اقتصادياً ثم مستشاراً اقتصادياً بوزارة المالية. ويحمل درجة ماجستير في الاقتصاد من أمريكا.
– ومن ضمن القرارات تعيين أحمد عسيري نائبا لرئيس الاستخبارات العامة وهو من القيادات الأمنية المحسوبة على محمد بن سلمان.
– وعين الملك سلمان ثلاثة من أبنائه في مناصب حساسة، حيث أمر بتعيين الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير دولة لشؤون الطاقة، والأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز سفيرا للمملكة لدى أمريكا بدلا من الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله الذي تم إعفاؤه من المنصب بعد أقل من سنتين من تعيينه فيه، والأمير خالد بن سلمان، طيار يبلغ من العمر 32 عامًا وليس لديه أي خبرة سياسية سوى عمله في السفارة السعودية بأمريكا منذ 2016. كما تم تعيين الأمير أحمد بن فهد بن سلمان (حفيد الملك) نائبا لأمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف بن عبد العزيز، الشقيق الأكبر لمحمد بن نايف. والأمير أحمد كان يعمل بقسم الشؤون السياسية في سفارة السعودية بلندن منذ عام 2014 م.
– وأقال الملك سلمان رئيس الهيئة العامة للرياضة، الأمير عبد الله بن مساعد، واستبدل به محمد عبد الملك آل الشيخ. وتشرف الهيئة العامة للرياضة على كل الأنشطة الرياضية في السعودية. ومن أبرز المهام الموكلة للرئيس الجديد للهيئة خصخصة الأندية السعودية لكرة القدم المشاركة في دوري المحترفين، وتحويلها إلى شركات وهذه ضمن نطاق “رؤية 2030” الرأسمالية التي تسعى لخصخصة معظم ممتلكات الدولة كما وضعها محمد بن سلمان.
ثالثا: قرار إعفاء وزير الخدمة المدنية وإحالته للتحقيق
والهدف المعلن من هذا القرار هو أن الوزير قام بتعيين ابنه غير الكفؤ بمرتب عال في الدوائر الحكومية، وقد استخدم هذا القرار للترويج لنزاهة الحكومة وتصديها للفساد أيا كان مرتكبه، وهذا ما أكده ابن سلمان في المقابلة التلفزيونية أن أي وزير أو أمير يرتكب مثل هذه المخالفات سيحاسب، رغم أن الملك نفسه عين أبناءه في نفس الوقت، علما أن هذا الوزير كان قد صرح سابقا أن إنتاجية الموظف الحكومي لا تتجاوز الساعة الواحدة يوميا، وهو عكس توجه الدولة التي تحاول دائما الترويج أن البطالة في البلاد سببها الموظف الأجنبي، ولربما كان هذا هو المسمار الحقيقي الذي دقه الوزير في نعش وزارته…
قراءة عامة للقرارات
لقد كانت ردة فعل الشارع لإعادة المخصصات لموظفي الحكومة إيجابية، فالهدف هو تخفيف حالة الاستياء من الحالة الاقتصادية السيئة ومن حرب اليمن التي تستعملها الحكومة كذريعة لسوء الأوضاع.
وبالنسبة لتقوية نفوذ محمد بن سلمان فالمعلوم أنه يوجد صراع كبير بين محمد بن سلمان وبين محمد بن نايف يسعى فيه الأول لتقليص نفوذ الثاني بشكل واضح، وبينما يوجد صراع داخلي بين المحمدين فلا اختلاف بينهما في اللهث وراء ود أمريكا وترامب. فبينما أصبحت أمريكا البيت الثاني لزيارات محمد بن سليمان المتكررة فإننا نجد محمد بن نايف وقد كرمته الـ CIA بميدالية “جورج تينت” التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة (الإرهاب)، فنجد محمد بن نايف يصف العلاقات بين المملكة وأمريكا بالاستراتيجية، وأضاف: “لن ينجح من يحاول أن يزرع إسفينًا بين السعودية وأمريكا”.
وبالنسبة لخصخصة النوادي فإن “رؤية 2030” تسعى لنشر الثقافة العلمانية والرأسمالية فنشر العلمانية عبر اللجنة الترفيهية التي تنظم النشاطات والحفلات الغنائية المختلطة والرأسمالية عبر خصخصة الممتلكات الحكومية مثل أرامكو والعقارات والمستشفيات وتغيير الدولة من راع لشؤون البشر إلى مجرد منظم ومحافظ على الحريات في المجتمع.
إن النظرة الصحيحة لهذه القرارات يجب أن تكون على أساس الإسلام ووجهة نظره في الحياة لا من زاوية المصلحة المادية العلمانية الرأسمالية. فالدولة الإسلامية هي التي تطبق الإسلام داخليا وتحمله للخارج رسالة للعالم وتنصر المسلمين خارج الدولة في قضاياهم بإرسال الجيوش لنصرتهم على أعدائهم، لا اتخاذهم أولياء كأمريكا، وخاصة في عهد ترامب الذي يعلن حربه على الإسلام جهارا نهارا.
قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة المائدة: 51-52].
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد طارق محمد – بلاد الحرمين الشريفين