رمضان هو شهر النصر والفتوحات..
رمضان هو شهر النصر والفتوحات..
الخبر:
أورينت نت– شهد شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامي الكثير من الأحداث الكبرى والمفصلية، كان أبرزها فتح مصر على يد القائد الإسلامي “عمرو بن العاص” في عهد الخليفة الراشدي الثاني “عمر بن الخطاب” حيث أرسل الجيوش لفتح مصر في سنة 20 للهجرة. وتوجه المسلمون بعد فتح بلاد الشام إلى مصر لأهميتها في تحصين وحماية سوريا وفلسطين بالإضافة لتأمين الجيوش الإسلامية المتجهة إلى إفريقيا. وتوجه عمرو بن العاص بجيشه صوب مصر عبر الطريق الحربي البري مجتازاً سيناء ماراً بالعريش والفرما ثم حصن بابليون المنيع، وتمكن المسلمون من دخول الحصن بعد حصار امتد لسبعة شهور وكان سقوط الحصن في 1 رمضان إيذاناً بانتصار المسلمين وهو ما كان، حيث تهاوت بعد بابليون باقي الحصون في الدلتا والصعيد وكان دخول المسلمين إلى الإسكندرية في سنة 21 للهجرة نهاية الحكم الروماني لمصر وبداية العصر الإسلامي وكان عمرو بن العاص أول ولاتها.
كما شهد اليوم الأول من شهر رمضان لسنة 91 للهجرة وصول أولى سرايا المسلمين إلى الأندلس، حيث عبر 500 مسلم بقيادة “طريف بن مالك” مضيق جبل طارق قادمين من مدينة سبتة ونزلوا في جزيرة “بالوما” التي عرفت لاحقاً بـ”جزيرة طريف”.
وكان القائد الإسلامي “موسى بن نصير” استأذن الخليفة الأموي “الوليد بن عبد الملك” في فتح الأندلس بعد استقرار الأمور للمسلمين في بلاد المغرب وفعلاً أرسل الخليفة أوامره لابن نصير بالتوجه إلى الأندلس واستمر حكم المسلمين للأندلس قرابة 8 قرون.
التعليق:
في ذكره لرمضان وتحت عنوان “حدث في شهر رمضان.. فتح مصر والأندلس” أغفل موقع الأورينت نت موضوع “النصر” في رمضان وركز على “الحدث” وكأنه تاريخ وانتهى. وهذا ليس غريباً على موقع توجهه وبنيته علمانية لا إسلامية، تنظر للإسلام على أنه دين كباقي الأديان وبالتالي ما حدث في شهر الصيام – برأيه – إنما هو تاريخ كتاريخ أي دين ليس إلا. من أجل ذلك كان لا بد من تبيان أن الفتوحات التي حدثت من قبل الدولة الإسلامية على مر العصور إنما كانت أحداثاً سياسية وشرعية لها مدلولاتها من خلال تغير واقع البلاد المفتوحة شرعاً. لهذا كان التقسيم لدار إسلام ودار كفر هو تقسيماً يحمل معه مدلولات وأحكام معينة.
وكل أرض حُكمت بالإسلام يوماً ما وكان أمانها بأمان المسلمين أصبحت أرضاً إسلامية حتى قيام الساعة، ووجب على المسلمين إعادتها لحكم الإسلام قبل غيرها وهذا ينطبق على بلاد إسبانيا والبرتغال وأجزاء واسعة من فرنسا وألمانيا والنمسا وكثير من بلاد أوروبا الشرقية وكذلك اليونان وقبرص وغيرها كثير، ولعلنا نتوّج هذا الخبر والتعليق بالتذكير بأهم الفتوحات والتي تكللت بالنصر المبين في شهر رمضان المبارك حين كان للأمة دولة عزّ وخليفة منها ولها، يطبق الشرع ويتقي الله فيها باتباعه للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي كان رحمة للمسلمين ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
وأهم هذه الفتوحات والانتصارات هي:
- · غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة
وكان ذلك في اليوم السابع عشر من شهر رمضان، حيث دارت رَحَى معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والطغيان، بين حزب الرسول وحزب الإرهاب والإجرام، تلكم هي غزوة بدر الكبرى. إنها موقعةٌ فاصلةٌ في تاريخ الإسلام والمسلمين، بل في تاريخ البشرية كلِّها إلى يوم الدين، إنها معركة الفرقان؛ ﴿إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
- · فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة
شكَّل فتح مكة في الثالث والعشرين من رمضان نقطة تحول في التاريخ حيث قُضي على الكفر وأهله في الجزيرة العربية وبدأ الإسلام في الانتشار خارج الجزيرة العربية. ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾.
- · فتح ( البويب) في السنة 13 من الهجرة
والبويب هو مكان قريب من الكوفة، وبينهما نهر الفرات. وذلك لما سمع أمراء الفرس بكثرة جيوش المثنى بن حارثة رضي الله عنه، خافوا فبعثوا إليه جيشا آخر مع رجل يقال له: مهران. فتوافوا هم وإياه في البويب ودارت معركة طاحنة، انتصر فيها المسلمون انتصاراً مؤزراً. وكانت هذه الواقعة في العراق نظير اليرموك في الشام.
فانظر يا رعاك الله إلى عظمة هذه الأمة، بعد حوالي 4 سنوات فقط من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام دكت جيوش الأمة المخلصة الصادقة حصون إمبراطورية فارس وأسقطتها بسرعة مهولة.
- · فتح عمورية سنة 223 هجرية
طمع “تيوفيل بن ميخائيل” ملك الروم في بلاد المسلمين، خاصة عندما علم أن جنود المسلمين جميعهم في أذربيجان يواصلون فتوحاتهم. فأخذ يعبئ الجنود، وخرج قائدًا على مائة ألف من الروم لقتال المسلمين، فوصل إلى حصن “زبطرة”، فقتل الأطفال والشيوخ، وخرّب البلاد، وأسر النساء وسباهن، وانتهك أعراضهن وحرماتهن، ومثّل بكل من وقع في يده من المسلمين. وكان من ضمن النساء امرأة اقتادها جنود الروم للأسر، فصرخت هذه المرأة، وقالت: “وامعتصماه”.
- · معركة “حطين” واسترداد بيت المقدس 583 هجرية
قام المجاهد “عماد الدين زنكي” – رحمه الله – بعد قتال عنيف مع الحاميات الصليبية باستعادة بعض المدن والإمارات؛ من أبرزها: إمارة “الرها” عام 1144م، وواصل خَلَفُه “نور الدين محمود” – رحمه الله – التصدي للفرنجة؛ فمَدَّ نفوذَه إلى دمشق عام 1154م، واستكمل القائد المجاهد “صلاح الدين الأيوبي” – رحمه الله – تلك الانتصارات فكانت معركة حطين الشهيرة التي استُرِدَّ بعدها بيت المقدس.
- · معركة “عين جالوت“ 657 هجرية
حيث انتصر المسلمون على التتار، بقيادة “سيف الدين قطز” فاستطاع سيف الدين والظاهر بيبرس صدَّ الغزو المغُولي الذي اجتاح أجزاءً واسعةً من العالم الإسلامي في معركة “عين جالوت” قرب الناصرة، فكانت واحدةً من أهم وأشهر المعارك الإسلامية.
هذه هي الأمة الإسلامية حين كانت لها دولة وخليفة يحميها وتتقي به، وهذا هو النصر يتنزل على أهله حين يطلبونه بحقه ويكونون أهلاً له. فلو طلبوا الشهادة فقط لما حصلوا على النصر، لكنهم أصرّوا على إعلاء كلمة الله من خلال سحق عدوهم والانتصار عليه، فوصلوا إلى القمم ونالوا شرفاً عظيماً بهذه الانتصارات. ولن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به حال أولها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس هشام البابا