إنها 54 عاما جديدة من الاستعمار
(مترجم)
الخبر:
الأول من حزيران/يونيو المعروف باسم يوم المداركة حيث تحتفل فيه كينيا بوضع قوانينها الداخلية بنفسها عام 1964، وهذا اليوم الذي يعتبر عطلة رسمية يتم فيه الاحتفال بذكرى مقاتلي الحرية القدوة الأبطال في إفريقيا، حيث يركز الخطاب الوطني للرئيس عادة على التطورات التي تم تحقيقها وكذلك التحديات التي تواجهها البلاد. المداركة هي كلمة سواحلية تعني السيطرة الكاملة أو الحكم الذاتي، واحتفال هذا العام هو بالذكرى الـ54 لها.
التعليق:
يعود تاريخ كينيا الاستعماري إلى مؤتمر برلين عام 1885م عندما تم تقسيم شرق إفريقيا لأول مرة إلى أقاليم نفوذ من قبل القوى الأوروبية، قامت الحكومة البريطانية بتأسيس محمية شرق إفريقيا عام 1895م، وبعد ذلك بفترة وجيزة فتحت المرتفعات الخصبة من الأراضي للمستوطنين البيض حتى قبل أن تصبح رسميا مستعمرة بريطانية عام 1920م. إن كينيا وإفريقيا كما هو حالها اليوم بحدودها المصطنعة كانت نتيجة للتنافس على إفريقيا في القرن التاسع عشر من قبل القوى الأوروبية والتي كانت تطمع بمواردها.
خلال فترة الاستعمار، احتل البريطانيون كينيا واستخدموا العناصر المستخرجة من الأرض للتعامل مع تطور المستعمرة يوما بيوم. وفي أوائل الستينات من القرن الماضي وعلى الرغم من أن بريطانيا منحت كينيا (الاستقلال)، إلا أنها اعتنت ببنية كينيا وهندستها المعمارية على مدى جيل مما أبقى كينيا مرتبطة بسيدها المستعمر. مما يسمح لبريطانيا بالحفاظ على سيطرتها على ثروات البلاد. وقد قامت بريطانيا بإنشاء الطبقة الكومبرادورية البرجوازية كما وضعت سياسات فاسدة على أساس المبدأ الرأسمالي؛ كل ذلك من أجل السيطرة على موارد كينيا. وكالعديد من الدول الإفريقية، فإن كينيا أجبرت على الاقتصار على السلع الأساسية وما يسمى بالاقتصاد القائم على الخدمات بدلا من بناء اقتصادها واستغلال وفرة الموارد المعدنية التي تتمتع بها. لذا فقد أهملت إمكانياتها الزراعية مما أدى إلى حياة قاسية.
لقد تم إلقاء اللوم على الحزب الديمقراطي فيما يتعلق بمشاكل كينيا، وفي محاولة لتغيير الوضع فيها تم إلغاء القسم (2أ) من دستور كينيا الذي يسمح بإدخال التعددية والديمقراطية ويحد من شروط الرئاسة. اعتبرت هذه المحاولة تحررا ثانيا، وفي عام 2010 أطلق عليها اسم اللحظة التاريخية عندما احتفلت كينيا بإصدار الدستور الجديد الذي أشاد به آلاف الكينيين في جميع أنحاء البلاد باعتباره ولادة ثانية لجمهورية كينيا. وقد قاد المستعمرون هذه التغيرات السياسية من خلال السياسيين المحليين بشكل مثير للسخرية للحفاظ على الوضع الراهن.
ومع كل هذه المحاولات خلال ما يقرب خمسة عقود من الحكم الذاتي فإن كينيا ما زالت تعاني من مشاكل كالقبلية والفساد والعنف والاستيلاء على الأراضي والعوز، حيث انحسرت بذلك كل محاولات التغيير السابقة. وبالرغم من الدين العام الذي بلغ 4 تريليون والذي يمثل 52% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد فإن الطبقة السياسية ما زالت تعطي وعوداً فارغة لأهل كينيا الفقراء في كل فترة انتخابية.
يجب على أهل كينيا أن يدركوا أن كينيا وإفريقيا عموماً لا تزال تشهد صراعاً بين القوى الغربية الكبرى وخاصة بريطانيا وفرنسا وأمريكا. ومع وجود الرأسمالية كنظام بشري لن تستطيع كينيا حل مشاكلها جذرياً بل ستلقى المزيد من المشاكل وستبقى دولة نامية. وذلك لأن نظامها من صنع البشر الذي يحوي أخطاء لأن طبيعة البشر هي النقص والأنانية، وذلك سبب كافة المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والحل الوحيد لهذه الأزمة هو أن يكون لها مبدأ صحيح، أي الإسلام الذي سيحول العالم بأسره إلى حياة مزدهرة، حيث إن الـ54 عاما تعتبر كافية لحكومة ما لتحقيق رؤيتها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شعبان معلم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في كينيا