المؤسسة البريطانية تُسيء التقدير من جديد (مترجم)
المؤسسة البريطانية تُسيء التقدير من جديد
(مترجم)
الخبر:
بعد نتائج الانتخابات الكارثية لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، تحدثت نيكولا ستارجن، التي تعارضها، وزعيمة الحزب القومي الأسكتلندي، يوم الجمعة عن خطر حزب المحافظين:
“وفي هجوم صارخ، انتقدت تيريزا ماي لموقفها من الانتخابات التي ستعطي نتائج عكسية مدهشة تؤثر في زعيمة المحافظين.
وقالت السيدة ستارجن بأن رئيسة الوزراء “فقدت كل من السلطة والمصداقية”.
وأضافت: “إن الضرر الذي تسبب به المحافظون والذي أثر على استقرار وسمعة المملكة المتحدة في أقل من عام لا مبالغة فيه”، “في أقل من عام تسببوا بفوضى على النطاق الصناعي”. “والآن هم يعتزمون الاندماج في إدارة غير مستقرة، ما سيؤدي يقينا إلى نتائج أكثر ضررا”. “كل هذا لأنهم جعلوا دوما مصلحة حزب المحافظين فوق مصلحة البلاد”. [https://reportuk.org]
التعليق:
في الواقع، تنطبق تعليقات نيكولا ستارجن على المؤسسة البريطانية ككل وبوجه متكافئ متساو، والتي فيها يشكل حزب المحافظين غالبية الوجه السياسي. ومن سوء التقدير الجسيم الذي وقع عند استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام الماضي، إلى سوء التقدير الإجمالي للانتخابات العامة المفاجئة هذا العام، فقد أظهرت المؤسسة البريطانية ثقتها المفرطة في قدرتها على كسب الرأي العام البريطاني لصالحها.
تدعي بريطانيا أنها أقدم الديمقراطيات المعاصرة في العالم، ومن الجيد جدا للمسلمين دراسة الأعمال الداخلية لهذه الملكية البرلمانية لتمييز الطبيعة الحقيقية للمشروع الديمقراطي. فإنه يُدعى للاستفتاءات وإجراء الانتخابات لا للرجوع إلى الرأي العام وإنما لحل النزاعات داخل النخبة الحاكمة.
لطالما وجدت الفصائل الموالية والمناهضة للاتحاد الأوروبي داخل الطبقة السياسية، وفي حزب المحافظين ذاته منذ زمن تاتشر، قبل ثلاثة عقود ماضية. وقد أُعد الاستفتاء لتسوية الصراع لصالح استمرار العضوية في الاتحاد الأوروبي، تماما كما كان الاستفتاء الأسكتلندي يهدف إلى تأجيل أية مناقشة للاستقلال “إلى ما بعد جيل”. دخلت المؤسسة في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع ثقتها بأنها غير مستعدة تماما لإمكانية الخروج فعليا منه، ما أدى إلى اضطرابات مثيرة داخل الحزب والحكومة وتأخير قارب العام قبل أن يُخطر الاتحاد الأوروبي رسميا بنية بريطانيا الخروج منه. وبعد ذلك، وبعد أن كشفت تيريزا ماي عن زخم حاد في بيانات استطلاعات الرأي، أعلنت بشكل متهور عن إجراء انتخابات مبكرة بهدف زيادة عدد أعضائها بشكل كبير في البرلمان، دون أي اعتبار لاحتمالية الفشل، وللآثار المترتبة على شروع الحكومة الفعلي بإجراءات العامين للخروج من الاتحاد الأوروبي.
إن النظرية الخيالية للديمقراطية هي تلك التي تقول بسيادة الشعب. لكن هل يستطيع أحد بجدية أن يتصور أن يتمكن الناس بمجموعهم من التخطيط والإشراف على أمر معقد كنظام الحكم والحكومة؟ في الحقيقة، تحمل المؤسسات السياسية البريطانية إرث العصر النصراني الذي سبق الديمقراطية الرأسمالية، مع إجراء تغييرات محدودة فقط تماشيا مع نمط التفكير اللاحق. إن الناس بشكل جماعي لا يمكنهم تأسيس نظام ولا الإشراف عليه. إنها المؤسسة تلك التي تحكم النظام، والناس في العادة يوضعون في الصورة بوضع الخيارات أمامهم ليختاروا بين إحداها. وهذا في العادة هو أقصى ما يمكن من “مشاركتهم الديمقراطية”.
صحيح أن جيرمي كوربين، القيادي في حزب العمال، يُعدّ من خارج المؤسسة. لكن ارتقاءه إلى منصب الزعامة حصل بمحض الصدفة، ما يدل من جديد على عدم كفاءة المؤسسة في هذا الوقت. ومع ذلك، فإنهم يمتلكون تقنيات عديدة تمنعه من الحصول على سلطة حقيقية، على الرغم من كونه حقيقة يمتلكها، لكن هناك تقنيات كثيرة لعزله كرئيس للوزراء ومنعه من ممارسة سلطة حقيقية بأي وسيلة مجدية.
ليست الديمقراطية فكرة نصرانية. بل هي نتاج إلحاد مادي. فإن كان هذا الوجود كله قد كان دون خالق، فلا بد إذاً أن يكون الإنسان سيد نفسه. وقد اعتمدت المؤسسة الغربية المفاهيم غير الدينية للحرية والديمقراطية تحت ضغط الإلحادية الأوروبية التي استمرت حتى بعد فشل الثورة الفرنسية وهزيمة نابليون.
ليس الدين ولا الديمقراطية ما يحكم الغرب. وإنما المصالح الرأسمالية للمؤسسة فحسب، مؤسسة تقف على أهبة الاستعداد لتقديم تنازلات عن أية مسألة أيديولوجية للبقاء والازدهار.
إن الحل ليس بمزيد من الديمقراطية. إذ كيف يمكن للخيال الفلسفي أن يكون حلا عمليا لأي شيء؟ هذا هو نتاج الديمقراطية السبب فيما يحصل.
إن الحل الحقيقي يكمن بالعودة إلى الدين. لقد فقد النصارى طريقهم، لذلك فإن الحمل يسقط على كاهل المسلمين ليعيدوا إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبي rلترتقي بملكوت الله على الأرض وتقود البشرية إلى مستقبل عادل مزهر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فائق نجاح