يا هيئة علماء السعودية ما لكم لا ترجون لله وقاراً؟!
يا هيئة علماء السعودية ما لكم لا ترجون لله وقاراً؟!
الخبر:
شنت هيئة كبار العلماء ووزارة الخارجية السعودية هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدين أن “الجماعة ليست من أهل المناهج الصحيحة، ومنهجهم قائم على الخروج على الدولة”. وقالت هيئة كبار العلماء في السعودية على صفحتها بموقع تويتر إن جماعة الإخوان المسلمين “ليس لهم عناية بالعقيدة، ولا بالسنة، ومنهجهم قائم على الخروج على الدولة؛ إن لم يكن في البدايات، ففي النهايات”. وفي تغريدة ثانية قالت الهيئة “الإخوان حزبيون يريدون التوصل إلى الحكم، ولا يهتمون بالدعوة إلى تصحيح العقيدة”، وأضافت أن “الإخوان ليسوا من أهل المناهج الصحيحة”. وتابعت الهيئة أن “كل جماعة تضع لها نظاما، ورئيسا، وتأخذ له بيعة، ويريدون الولاء لهم؛ هؤلاء يفرقون الناس”. وأضافت “ليس في الكتاب والسنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات؛ بل فيهما ما يذم ذلك”. (الجزيرة نت)
التعليق:
معلوم أن العلماء هم ورثة الأنبياء وأن العلماء لهم الدور العظيم في تصحيح مسار المسلمين حكاماً وغير حكام فالعلماء هم صمام أمان الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان، ولكن أيّ علماء؟ إنهم العلماء الربانيون الذين يبينون الحق للناس ولا يخشون في الله لومة لائم وهم أحد ركنين ركينين لصلاح الأمة مع الحكام كما أخبر الصادق المصدوق r: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ، وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ: السُّلْطَانُ، وَالْعُلَمَاءُ». ويفسد الحكام والأمراء بفساد العلماء، إذ إنه منوط بهم محاسبة الحكام وتوعية الأمة على وجوب وكيفية محاسبتهم وأطْرهم على الحق أطرا.
إن واجب العلماء هو قيادة الشعوب وتوعيتها على ما يحقق طموحها ويعيد إليها حقوقها وكرامتها وأمنها ورعايتها وما ترجوه من عدل ورقي ورغد.
أما هيئة علماء آل سعود فقد حادوا عن الحق ومالوا عنه ميلاً عظيماً، فقد وصلت بهم الحال إلى تقديس حكامهم العملاء ونزلوا عن المكانة العالية التي رفعهم الله بها مصداقاً لقوله تعالى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾.
فأصبحوا أبواقاً يرددون أقوال كبرائهم وسادتهم من الحكام بوصف المسلمين بـ(الإرهاب)! ليعطوا الذريعة لقتلهم على أيدي اليهود والصليبيين، فما لكم يا هيئة علماء آل سعود لا ترجون لله وقاراً، وهل دماء المسلمين عليكم رخيصة لهذا الحد؟!
ألا تخافون الله وعقابه؟! ألم يأنِ لكم أن تبصروا الحق وتقفوا بجانب قضايا أمتكم؟! يا هيئة كبار العلماء! من يقوم على قيادة الأمة وتوعيتها على كيفية الوصول إلى حكم الإسلام، وكيفية الحكم به بتفصيلاته؟! أليس العلماء؟! فكيف إذا صمتّم أو اتخذتم جانب الباطل؟! ماذا سينفعكم وقوفكم مع أمريكا ترامب وحكامكم الدمى في يومٍ تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه؟
لما فتح عبد الله بن علي العباس (عم أبي جعفر المنصور) دمشق، يقال إنه قتل في ساعة واحدة ستة وثلاثين ألفاً من المسلمين، وأدخل بغاله وخيوله في المسجد الأموي الجامع الكبير، ثم جلس للناس وقال للوزراء: هل يعارضني أحد؟ قالوا: لا. قال: هل ترون أحداً سوف يعترض عليّ؟ قالوا: إن كان فالأوزاعي – والأوزاعي محدّث بل كان أمير المؤمنين في الحديث، وكان زاهداً عابداً، قال: فأتوني به، فذهب الجنود للأوزاعي فما تحرك من مكانه، قالوا: يُريدك عبد الله بن علي، قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، انتظروني قليلاً، فذهب فاغتسل، ولبس أكفانه تحت الثياب؛ ثم قال لنفسه: الآن آن لك يا أوزاعي أن تقول كلمة الحق، لا تخشى في الله لومة لائم.
قال الأوزاعي وهو يصف دخوله على السلطان الجبار: فدخلت فإذا أساطين من الجنود – صفَّان، قد سلُّوا السيوف، فدخلت من تحت السيوف؛ حتى بلغت إليه، وقد جلس على سرير، وبيده خيزران، وقد انعقد جبينه عقدة من الغضب، قال: فلما رأيته، والله الذي لا إله إلا هو؛ كأنه أمامي ذباب…، قال: فما تذكرت أحداً لا أهلاً، ولا مالاً، ولا زوجة، وإنما تذكرت عرش الرحمن إذا برز للناس يوم الحساب، قال: فرفع بصره وبه غضب عليّ ما الله به عليم، قال: يا أوزاعي، ما تقول في الدماء التي أرقناها وأهرقناها؟ قال الأوزاعي: حدّثنا فلان، قال: حدثنا ابن مسعود، أن رسول الله rقال: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» فإن كان من قتلتهم من هؤلاء فقد أصبت، وإن لم يكونوا منهم فدماؤهم في عنقك. قال: فنكتَ بالخيزران ورفعت عمامتي أنتظر السيف، ورأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم ويرفعونها عن الدم. قال: وما رأيك في الأموال التي أخذناها؟ قال الأوزاعي: إن كانت حلالاً فحساب، وإن كانت حراماً فعقاب!!
هكذا كان العلماء وهكذا فهموا الإسلام وهكذا حملوه وورّثوه لمن بعدهم كابرا عن كابر، فرأيناهم يحاسبون الحكام ويقفون منهم موقف الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لا يخشون أحداً إلا الله.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رولا إبراهيم – بلاد الشام