التخلص من هذه العقلية الانهزامية
(مترجم)
الخبر:
برلين – داخل البناء ذو الآجر الأحمر والذي هو الآن المسجد الأجدد وربما الأكثر استثنائية في العاصمة الألمانية، فإن سيران آتيس تقود ثورة نسائية على الدين الإسلامي.
فتصدح “الله أكبر” من صوت أنثوي، متلفظة بها بالعربية كامرأة متنغمة بها داعية إلى الصلاة. وفي كسر آخر فاضح للتقاليد، فإن الرجال والنساء – الذين يصلون منفصلين عن بعضهم – يصلون الآن الواحد بجانب الآخر على سجاد الصلاة.
فآتيس والتي تدعي أنها نسوية إسلامية والمؤسسة لهذا المسجد الجديد، تقدمت المصلين وقامت بإعطاء خطبة مثيرة. ولاحقا بوجود إمامين – رجل وامرأة – تم إلقاء خطبة الجمعة بالعربية. (washingtonpost)
التعليق:
على الرغم من استخدام كلمات كـ “تقدمي” و”نسوي” و”ثورة” في وصف التطورات المذكورة في هذا “المسجد غير الاستثنائي”، فإن مثل هذا النوع من المحاولات لإحداث تغيير في الإسلام ليس بالشيء الجديد أو الثوري حقيقة وإنما هي جزء من تاريخ طويل لمحاولات تغييره.
إن ما نشهده حقيقة في هذا الجامع في برلين هو إصلاح يحاول تضليل المسلمين من خلال تغيير مفاهيم إسلامية أساسية، وكل هذا تحت مسمى الإصلاح. فهم يضللون المسلمين باستخدامهم لمثل هذا المصطلح “إصلاح” تماما بالطريقة نفسها التي يستخدمون فيها مصطلح “اجتهاد”.
فالاجتهاد هو مصطلح إسلامي يصف محاولة الفرد بذل ما بوسعه من أجل الوصول إلى حكم الله من خلال الشريعة في موضوع يقع محل اختلاف في الآراء. أما الإصلاح فيعني حقيقة محاولة تغيير أساس المبادئ الإسلامية من خلال تغيير المفاهيم الإسلامية التي لا يجوز فيها اختلاف الرأي.
وعودة إلى المقالة السابقة فإننا نرى أن الإصلاح في هذه الحالة هو في الحقيقة لملاءمة نزوات كل فرد، وفي هذه الحالة نزوات سيران آتيس، “والتي شعرت بالتمييز في المساجد العادية لأنه كان عليها الصلاة في غرف خلفية بشعة”. وبهذا وبدلا من محاولتها تحسين أماكن الصلاة المخصصة للنساء قررت تغيير الأحكام الإسلامية!
فالإصلاحيون يحاولون تغيير أو إعادة تشكيل الإسلام ليلائم واقعهم الخاص. هذا الواقع الذي تأثّر مرارا بفكرة أن الرجل هو من يملك الحق في الأمور التشريعية. فنحن نرى هذا في المقالة السابقة عندما تقول آتيس: “إن الهدف هو إعطاء الإسلام المتحرر مكانا مقدسا”. ففكرة (الإسلام المتحرر) هي فكرة مناقضة تماما للمفهوم الإسلامي بأن الله سبحانه وتعالى هو المشرّع الوحيد. كما أنه يتناقض مع فكرة أن الإسلام والشريعة الإسلامية صالحان للتطبيق في كل مكان وزمان ومن أنهما قادران على توفير الإجابات لكل المسائل.
ذلك أنهم بدلا من محاولة العثور على حلول للمشاكل التي تواجههم ضمن إطار الإسلام فهم يبحثون عن حلول خارجه. لذلك يجب علينا بصفتنا مسلمين أن نكون قادرين على توفير الإجابات والحلول لكل مجالات الحياة. ويجب علينا التخلص من هذه العقلية الانهزامية التي أصابت بعض أبناء الأمة. كما يجب علينا أيضا أن نذكرهم بقول الله تعالى: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾.
يجب أن نشجع المسلمين على دراسة الإسلام بالطريقة الصحيحة. بطريقة تقوم على البحث والتفكير العميق والتحليل كما أمر الله سبحانه وتعالى، وهذا ما سينتج عنه نتائج فعالة. وحينها فقط سيتحول المسلمون إلى أناس مبدئيين قادرين على التفكير بطريقة متميزة. وحينها فقط سنتخلص من هذه العقلية الانهزامية التي تعاني منها السيدة آتيس وأتباعها. ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ياسمين مالك
عضو القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير