هل لا ينبغي للصلوات أن تقام على ارتفاع 38000 قدم في طائرة مضطربة؟! (مترجم)
هل لا ينبغي للصلوات أن تقام على ارتفاع 38000 قدم في طائرة مضطربة؟!
(مترجم)
الخبر:
في 25 حزيران/يونيو، قامت شركة طيران آسيا X بتحويل الرحلة D7237 التي كانت منطلقة من بيرث إلى كوالالمبور مرة أخرى إلى بيرث بعد الأضرار التي لحقت بالمحرك الذي تسبب في حدوث اهتزازات شديدة خلال الرحلة. وكانت إحدى شفرات محرك رولز رويس ترينت 772 للطائرة قد انفصلت، فتسبب هذا باختلال شديد في محرك الطائرة. الحمد لله، رحلة D7237 التي كان 359 راكبا على متنها عادت بسلام إلى بيرث قبل العاشرة صباحا في ذلك اليوم. وتتبع الحوادث الجوية مثل هذا الحادث دائما أسئلة تتعلق بقضايا فنية مختلفة في محاولة للتأكد من سبب الحادث. ومع ذلك فإن القلق الأول الذي أثير في هذه الحادثة لم يكن تقنيا، فكان أمرا روحيا أكثر. وقد تعرض قائد الطائرة لانتقادات شديدة بسبب مطالبته ركاب الرحلة من طراز D7237 “بالصلاة، فقد نصل إلى بيوتنا بأمان”.
التعليق:
اتجه داتوك زيد إبراهيم، وهو وزير سابق في ماليزيا إلى تويتر لينتقد الطيار قائلا “حث طيار جو آسيا الرّكاب على الصلاة في محنة رحلة بيرث. أيها الرب الجيد، أنا أفضل الطيار وأؤمن به كثيرا فلا تقل لي إن الموت وشيك”. ثم تحول وزير القضاء بحكم الأمر الواقع إلى السخرية من قضية الصلاة قائلا: “يجب على الطيار إعطاء الأمل، وترك الباقي لله وللركاب. إذا كانت طيران جو آسيا كبيرا على الصلاة؛ فيجب إشراك إمام وكاهن سليم”. وتبعت التعليقات دعم تغريدة الوزير السابق. ولكن هنالك عددا ليس بقليل من أولئك الذين أدانوا تعليقاته وانتقدوها. وكان من بينهم أحد الركاب على متن الطائرة، وهي فتاة عمرها 15 عاما واسمها مادلين رايت، فقد نشرت شكواها تجاه إدانة الجمهور في حسابها على الفيسبوك حيث كتبت: “ينتابني الاشمئزاز عندما ينتقد الناس قائدنا الطيار وهو يطلب منا أن نصلي، وعندما يحاولون أن يفصلوه من عمله”. وقد تم نشر تعليقاتها في جميع وسائل الإعلام الماليزية.
بالنسبة لنا نحن المسلمين فإن، الصلاة (الدعاء) هو جزء لا يتجزأ من حياتنا. الدعاء يظهر اعتمادنا على الله. قال الله سبحانه وتعالى في القرآن بأنه يجيب الدعاء. ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادۡعُوۡنِىۡۤ اَسۡتَجِبۡ لَـكُمۡؕ اِنَّ الَّذِيۡنَ يَسۡتَكۡبِرُوۡنَ عَنۡ عِبَادَتِىۡ سيدخلون جَهَنَّمَ داخرين﴾
فهذه هي الطبيعة البشرية التي تطلب العون من الله كل يوم وعندما نكون في حالة صعبة. فالناحية الروحية فينا تهيمن في تلك اللحظة، وحتى في ذلك الحين أكثر الكائنات بؤسا تطلب المغفرة من الله عندما تدرك أن نهايتها قادمة. وصف الله سبحانه وتعالى لفرعون عندما كان على وشك الغرق يوضح هذا الأمر، ولكن كان هذا في وقت متأخر جدا بالنسبة للفرعون. ﴿وَجَاوَزۡنَا بِبَنِىۡۤ اِسۡرَآءِيۡلَ الۡبَحۡرَ فَاَتۡبـَعَهُمۡ فِرۡعَوۡنُ وَجُنُوۡدُهٗ بَغۡيًا وَّعَدۡوًا حَتّٰۤى اِذَاۤ اَدۡرَكَهُ الۡغَرَقُ قَالَ اٰمَنۡتُ اَنَّهٗ لَا اِلٰهَ اِلَّا الَّذِىۡۤ اٰمَنَتۡ بِهٖ بَنُوۡۤا اِسۡرَآءِيۡلَ وَاَنَا مِنَ الۡمُسۡلِمِيۡنَ﴾.
كما أنه قد تم طرح مسألة التواكل. فهل ترك الطيار كل شيء للدعاء دون وضع أي جهد لضمان سلامة الركاب؟ أشارت التقارير إلى أن الطيار اتبع إجراءات التشغيل القياسية التي تمكن من إعادة الطائرة إلى بيرث. وأفيد بأنه كان هادئا وبذل قصارى جهده لضمان سلامة الرحلة. التوكل يجب أن يكون مع الجهد. وقد سئل رسول الله عن هذا في الحديث عن أنس بن مالك قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ فقَال r: «اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ»
فكان مع جهده قد طلب من الركاب للصلاة من أجل السلامة. وحتى وإن كانت الطائرة أعجوبة بشرية من التصميم ففي النهاية يعود كل شيء لله. فالدعاء والتوكل بالنسبة للمسلم هو شيء ثابت، كما أن الدعاء يعتبر كل شيء تحت ظروف اليأس والقصور. وقد نفذ الطيار الإجراءات اللازمة وترك كل شيء آخر لله، ودعا الركاب للقيام بذلك. وقد تبين من التقارير أن الطيار قد فعل كل شيء قادر عليه ووضع ثقته بالله ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾.
على الرغم من كون (زيد) مسلماً إلاّ أن تغريدته يبدو أنها تتعارض مع إيمانه، ولكن مع هذا يستطيع تبرير كلامه بآلاف المبررات. ومن الواضح والمعروف أن (زيد) يحفز على التعليقات التي تضر به وتمثله كليبرالي مع أنه يعتبر مجرد فرد، هذه الفروق الدقيقة للليبرالية في ماليزيا توفر له الدعم. ونعتقد أننا وصلنا إلى شهر شوال منتصرين ومتغلبين على نفوسنا. ولكن في الواقع قد فشلنا فشلاً ذريعًا من خلال السماح للأفكار الليبرالية بتلويث شهر رمضان المبارك.
تمت إهانة الإسلام بطرق عديدة في ماليزيا في رمضان هذا. وصدرت جريدة ستار في 27 أيار/مايو بعنوان “الزعيم الإرهابي الماليزي” على صفحتها الأولى مصحوبة بصور جماعة إسلامية وكأنها تقول إن المسلمين إرهابيون. ولم يتم فرض أية عقوبات على الصحيفة، واكتفوا بتقديم اعتذار شديد. ولوحظ اتجاه مماثل لهذا يهين الإسلام أيضا عندما ربط كتاب صحيفة ميلاي برس رمضان بالقتل، وعادات سفك الدماء من قبل تنظيم الدولة، وأطلق على هذا كله اسم رمضان ليبينوا أنه شهر القتل! وبالإضافة إلى ذلك، كان رمضان هذا أيضا مليئا بالدعاية الليبرالية باعتبارها محاولة لـ”إضفاء الشرعية” على المثليين وعلى العلمانية والتعددية والليبرالية. كما واحتفلت مجموعة من شباب الجماعة الإسلامية العالمية بعلانية برمضان مع الفاتيكانيين المؤمنين، ودعوا وراءهم، ودعوا أن يكون النصارى مباركين. وكان هناك أيضا افتتاح أكبر حدث لمثليي الجنس في 10 حزيران/يونيو، نظمته حملة قوس قزح الذي مزج مهرجانات المثليين مع مجد رمضان. ومن الواضح أن كل هذه الأحداث هي عار وإهانة للإسلام. ومع ذلك يدعي المؤيدون إظهار الإسلام مستخدمين مصطلحات أكثر عصرية وسلمية ومنفتحة ومتسامحة ومتواضعة وإنسانية، ولكن من الواضح أن هذه المصطلحات مصممة لتناسب الدعاية الليبرالية والغربية ووجهات النظر. كما وتم تضليل المسلمين بحقيقة أنهم غير قادرين على رؤية الأعمال التي يجب اعتبارها أمراً بالمعروف وتمييزها من المنكر. وقد اختلط التفكير العلماني الليبرالي في الغرب عمدا بمهمة “الإصلاح الإسلامي” في محاولة لجعل الإسلام “دينا صناعيا” يمكن تغييره وتفسيره وفقا لرغبات الإنسان. والحكم الديمقراطي الحالي الذي یسیطر يعتبر بمثابة حافز لتخطيطات هذا الاتجاه الشيطاني.
اللهم أعطنا القوة لاستئناف الحياة الإسلامية وإقامة الخلافة على منهاج النبوة، التي لن تدع أي مجال على الإطلاق لهذا الاتجاه الشيطاني بالاستمرار.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا