الأزمة الأمريكية وقطر مثلا
الأزمة الأمريكية وقطر مثلا
الخبر:
قال البيت الأبيض إن الرئيس دونالد ترامب تحدث هاتفيا اليوم الجمعة مع العاهل السعودي الملك سلمان حيث بحثا الجهود الرامية لحل الأزمة المستمرة منذ نحو شهر بين قطر وأربع دول عربية. وجاء الاتصال الهاتفي عقب زيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى المنطقة. (الرأي اليوم)
التعليق:
أولا: إن رجل الدولة هو القائد السياسي المبدع، وهو كل رجل يتمتع بعقلية الحكم، وهو يستطيع إدارة شؤون الدولة ومعالجة المشاكل والتحكم في العلاقات الخاصة والعامة. هذا هو رجل الدولة، وهو قد يوجَد بين الناس ولا يكون حاكماً ولا يمارس شيئاً من أعمال الحكم…
إن الأمّة التي ينبت فيها رجل الدولة هي الأمّة التي تتمتع في حياتها العملية وفي علاقاتها الداخلية والخارجية بأفكار الحكم، ويتملكها إحساس بمسؤولياتها عن جميع الناس حتى من هم خارج حدودها في أن ترعى شؤونهم وتعالج مشاكلهم، أو يستولي عليها إحساس بقيمتها الذاتية بين الشعوب، فتندفع لأن تقتعد مكاناً سامياً في العالم، بل تسعى لأن تكون في مركز القيادة في العالم أجمع.
ثانيا: ان أمريكا كإدارة عالمية فقدت التربة السياسية لإنتاج رجال سياسيين قادرين على إدارة العالم خاصة مع بزوغ قوى جديدة بدأت تطفو على السطح وبعد تولّد إرادة التغيير عند أمة الإسلام والتي أربكت العالم وشابت لحركتها رؤوس الكفر من حكام ومفكرين، وجعلتهم ينطقون بما كان محرما عليهم ذكره. وليس معنى ذلك أن أمريكا لا يوجد فيها سياسيون، فليس هذا المقصود ولكن المقصود أن التربة أصبحت مالحة جدا بحيث لا تنتج رجالا سياسيين؛ لأن التربة السياسية هي نتاج وجود مبدأ في الحكم، وأمريكا لم تعد دولة مبدئية بمعنى الكلمة -الأزمة بالأصل هي أزمة مبدأ – بحيث أصبحت الإدارات الأمريكية تنظر إلى المصالح أنها غاية بحد ذاتها فإذا تعارضت المصلحة مع المبدأ داست على مبدئها، وهذا ملاحظ في كل سلوك للإدارة الحالية مثلا، وأصبحت عقلية رجال الحكم عقلية رجال المافيا والأتاوات وسرقة المال وليست عقلية الراعي والسياسي الذي يرعى الناس بأحكام المبدأ.
ثالثا إن من سنن الله تعالى أن الدول العالمية لا تزول بين ليلة وضحاها وإنما تزول لأمور أهمها وأجلّها والسبب الرئيسي والأهم وهو انسلاخ الكيان السياسي عن المبدأ سواء أكان هذا الانسلاخ بسبب فساد المبدأ ذاته وعدم قدرته على مواكبة الأحداث والتطورات وهذه طبيعة المبادئ البشرية لأنها تحمل بذور نهايتها في قاعدتها الفكرية فأنى لها صفة الديمومة والبقاء؟! فهي زائلة وإن طالت مدتها بسبب ظروف وعوامل داخلية وخارجية… أم كان بسبب ممارسات وسلوكيات رجال الحكم بعيدا عن المبدأ حتى لو كان المبدأ صحيحا فسوف يعتل الكيان ويمرض وينتهي، فما بالنا وقد اجتمع في أمريكا كلا الأمرين انسلاخ المبدأ عن الحكم لعدم قدرته على مواكبة الأحداث وإعطاء الحكم من صميم القاعدة الفكرية وانسلاخ رجال السلطة عن المبدأ.
وبعد تحقق العامل الأول لا بد من بزوغ كيان سياسي يحتل مكان الكيان الأول ويوجه له الطلقة الأخيرة معلنا بذلك إخراجه من الساحة الدولية، لا بل قد يتقسم وينشطر إلى دول متناحرة كما حدث مع الاتحاد السوفيتي مثلا.
لقد كثرت تخبطات الإدارة الأمريكية فتقدمت وتأخرت وأعلنت وتراجعت وقاد رئيسها بطولاته عبر التويتر!
إن العالم بات في حاجة ماسة لرجل الدولة والسياسي المبدئي، ولن يقود المرحلة القادمة إلا حملة الإسلام العظيم، وإن غدا لناظره قريب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان