الحكومة تعدكم الفقر والله يعدكم مغفرة وأجرا كبيرا
الخبر:
كشف وزير المالية بالنيابة، محمد الفاضل عبد الكافي أن السيولة المالية للدولة التونسية أصبحت تنزل في بعض الأحيان إلى مستوى لا يتيح دفع الأجور الشهرية.
وأكد عبد الكافي أن تونس لم تعد قادرة على التصدي للديون المتخلدة بذمتها وكتلة الأجور والدعم وتسيير الدولة إلا بالاقتراض، مشيرا إلى أن نسبة المديونية فاقت إلى غاية الآن، 75 بالمائة دون اعتبار الضمانات التي أعطتها الدولة للشركات الوطنية التي تمر منذ سنة 2011 بمشاكل كبرى وأصبحت اليوم مكلفة على الدولة بعد أن كانت تساهم في دعم الميزانية.
التعليق:
تعددت الحكومات وتتالت وتعاقبت، وتعددت معها الوجوه والأسماء، فمن حكومة مؤقتة إلى حكومة تكنوقراط إلى حكومة كفاءات سياسية وصولا إلى حكومة وحدة وطنية…
كل هذه الحكومات وإن اختلفت أسماؤها وأصحاب الكراسي فيها إلا أنها اشتركت وتقاسمت نفس فلسفة الحكم ونفس النظرة العلمانية والتوجهات الرأسمالية لتسيير دواليب الدولة، واتخذت من تقارير المؤسسات المالية العالمية الاحتكارية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشربا ومصدرا أساسيا للإلهام والتفكر.
وما رسالة الذل والتبعية التي وجهها رئيس الحكومة يوسف الشاهد ومحافظ البنك المركزي مؤخرا إلى مديرة صندوق النقد الدولي، وفيها أعلنا وتعهدا بالخضوع التام لهذه المؤسسة الاحتكارية الرأسمالية، والرجوع إليها أو بالأحرى استئذانها في كل الإجراءات والإصلاحات الهيكلية التي تمس جميع القطاعات وعلى رأسها التفويت في المؤسسات العمومية، ما هو إلا أوضح دليل على ذلك.
إن هذه الحكومات المتعاقبة، ما هي إلا أدوات تنفيذ لأوامر وقرارات المؤسسات الرأسمالية العالمية، أمّا ما يزعمونه من سيادة وإرادة ومنوال تنمية وبرامج اقتصادية إن هو إلا استخفاف بالعقول وتضليل للشعوب، ذلك أن منوال التنمية الوحيد الذي تتوجه نحوه البلاد هو المنوال الذي صاغه صندوق النقد الدولي بشروطه الملغومة تطبيق سياسة الإصلاح الهيكلي. مع العلم أنّ العالم كلّه يعرف يقينا أنّ صندوق النقد الدولي ما دخل بلدا إلا جعل أعزّة أهله أذلّة، لأن برنامج الإصلاح الهيكلي مدمر للاقتصاد وله آثار مجتمعيّة خطيرة:
– فعلى مستوى عيش الناس يقضي بإلغاء صندوق الدعم ما يعني مزيدا من غلاء الأسعار ومزيدا من الإرهاق والشقاء.
– الترفيع الجبائي مما يعني مزيدا من الضرائب ولن يقع تحت وطأتها إلا الفقراء وضعاف الحال.
– مراجعة صناديق التغطية (الاجتماعيّة) ورعاية الفئات الفقيرة، بذريعة أنّ هذه الصناديق تعيش أزمة هيكليّة، وهذا يعني أنّ الخدمات الأساسيّة خاصّة التطبيب والأدوية التي كان يحصّل بعضها الفقراء وضعاف الحال بشقّ الأنفس قد تزداد تدهورا واضطرابا بدعوى عجز الدّولة.
إن شعوب العالم قاطبة، وعلى وجه الخصوص الأمة الإسلامية، باتت تدرك ضرورة التغيير الجذري وهي الآن زمجرت وهبّت لتقلع النظام الرأسمالي المتوحش وآلياته التي أدت إلى رهن الشعوب بجبال من الديون الخارجية وبأعباء ثقيلة شلت قدرتها على النهضة والتنمية الاقتصادية الصحيحة.
إن الحل الأمثل للخروج من هيمنة المستعمر وشروطه المجحفة الجائرة المذلة هي إعادة الإسلام إلى سدّة الحكم حتى يمكننا علاج المشكلة الاقتصادية بناء على أحكام الإسلام الشرعيّة التفصيليّة فنكون في مأمن من قروض تذل العباد وتغضب رب العباد، فمنظومة الإسلام الاقتصادية الكاملة لو طبقت في دولة تقوم على عقيدة الإسلام، ليكونَنَّ الرخاءُ والسيادة وخير منهما رضوان من الله، هذا مع استرجاع هذه الأمة العظيمة هيبتها بين الدّول بعد ذلّ حكّام لا يرون أنفسهم إلا تبعا للكافر المستعمر. قال اللّه تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس