Take a fresh look at your lifestyle.

القطيع بلا راعٍ تأكله الذئاب

 

القطيع بلا راعٍ تأكله الذئاب

 

 

 

الخبر:

 

توجه اللاجئون من سوريا الذين يقطنون المخيمات في العاصمة اليونانية أثينا، إلى السفارة الألمانية لإسماع أصواتهم. وقد تجاوز عدد اللاجئين الذين تجمعوا في ميدان سينتاكما وسط المدينة الـ 100 شخص معظمهم من النساء والأطفال، وقد قاموا بعد ذلك بمسيرة احتجاج يطالبون فيها أن يلتحقوا بأسرهم.

 

التعليق:

 

بعد اندلاع الثورة في سوريا بدأ اللاجئون خاصة النساء والأطفال ممن أصبحوا بلا مأوى بالتفرق والتشتت في جميع أنحاء العالم. الأصوات التي كانت تصدح في الميادين أشبه بالرعد الذي لا يتبعه المطر، حتى الإداريون الذين كانوا يدّعون بأنهم حماة المسلمين أداروا ظهورهم للاجئين المستضعفين، ولم يقفوا إلى جانبهم. ظاهريا وحتى لا يبدو اللاجئون بلا نصير يدعمهم، فإن الأنظمة العميلة التي فتحت أبواب البلاد أمام اللاجئين قد استخدمتهم كمادة سياسية وأداة من أدوات الضغط.

 

تذكروا، بالضبط قبل سنة من الآن في مدينة بودروم بمحافظة موغلا، صورة الطفل السوري آيلان كردي الذي وُجدت جثته على الشاطئ بعد غرق السفينة التي كانت تُقله وعائلته والتي اهتز لها العالم بأسره. آيلان كردي الذي أصبح رمزا لأزمة اللاجئين والإنسانية جمعاء وخصوصا أنه أصبح رمز العار لحكام البلاد الإسلامية، أيضا حادثة شبيهة بحادثة آيلان كردي تتعلق بالطفل ذي الـ 16 شهرا روهينكيالي محمد الذي قذفت الأمواج جثته إلى الساحل.

 

بعد هذا فقد كنا شاهدين على السياسة الخبيثة التي كان يجب اتباعها من قبل تركيا التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين الذين تعرضوا للعنف والضرب من قبل الشرطة الهنغارية والذي تم بثه على شاشات التلفزيون وذلك لدى محاولتهم المرور إلى أوروبا لاستخدامها كوسيلة ضغط. والحكومة البنغالية عندما ملأت السفن باللاجئين وأعادتهم عوضا عن أن تستقبلهم، إذ بقوا في عرض البحر بلا ماء الأمر الذي ترك في قلوبنا جروحا بليغة لا تُنسى.

 

هناك الكثير من المآسي التي يمكن أن نتذكرها. وكما هو معروف فإن النازحين أو اللاجئين أو المهاجرين، هم أشبه بالضيف غير المرغوب فيه بالنسبة إلى الدول، أو أنهم كمن يكافح من أجل البقاء فيعيشون على هامش الحياة من أجل دينهم أو رزقهم!

 

سبب مشكلة اللاجئ الذي يشبه الضيف غير المرغوب فيه أو الذي يكافح من أجل البقاء، هم الدول الغربية وأذنابها المحليون. الدول الغربية الاستعمارية، قامت باستعمار البلاد الإسلامية التي توجد فيها موارد غنية فوق الأرض وفي باطنها خصوصا التي تنتج لاجئين. الشعوب التي تم استعمارها تركوا بلدانهم بحثا عن موانئ آمنة من أجل البقاء على قيد الحياة. وقد أصبحوا في موقع اللاجئين من خلال محاولتهم تجاوز الصعاب في البحار والمحيطات أو من خلال تحدياتهم للحيوانات المفترسة التي قد يواجهونها أثناء عملية عبورهم عبر الجبال. ما الذي أجبر هؤلاء على أن يكونوا في موقع اللاجئ أو الشحاذ؟ إنه بالطبع نظام الرأسمالية والدول الغربية التي تحمل ألويته.

 

ولكي تحافظ الأذناب المحلية على عروشها وكراسيها، فإنهم يقومون بظلم شعوبهم الذين تربطهم بهم لغة وأصول واحدة في سبيل إرضاء أسيادهم، متواطئين معهم في ذلك. عوضا عن حماية حقوق الشعوب فإنهم أصبحوا عبيدا يقفون على أبواب أسيادهم لحماية مصالحهم. وهم يقومون بالضغط والتجبر على شعوبهم لتحقيق ذلك. وهم يستعينون بأسيادهم الأجانب عندما يجدون قوتهم غير كافية لردع شعوبهم. فبدلا من أن يقوموا بدور الراعي لشعوبهم يقومون بتسليمهم إلى الذئاب. ومن لا يرضى منهم بأن يكون لقمة في أفواه الذئاب من الطبيعي أن يتشردوا. بينما يهربون من الضباع يسقطون في أفواه الذئاب الجائعة. وأخيرا هؤلاء اللاجئون في اليونان الذين توجهوا بنداء إلى ألمانيا، لأنهم قطعوا الأمل من الضباع المحلية يأملون بعون من الذئاب الجائعة! لو كانت الأذناب المحلية راعيا يحمي قطيعه من الذئاب بدلا من أن تكون ضباعا، فهل سيتشرد أبناء الأمة في البحار ليقعوا فريسة على موائد الذئاب الجائعة؟ هل كانوا سيأخذون صفة النازحين؟ هل سيكونون في وضع يُرثى له كمأساة إنسانية؟

 

من هذا القبيل، سمى الإسلام الحاكم بالدرع والراعي. وقد قال رسولنا الكريم r: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» ويعني بذلك: إن الإمام (الخليفة) درعٌ. القتال يكون معه ويكون الاحتماء به. درع، لأنه يفدي جسده مقابل الذئاب المعادية. ويكون بمثابة درع يصد الهجوم الذي قد يأتي من الذئاب. راعٍ، لأنه لا يسلم قطيعه للذئاب، ويجادل (يسايس) لئلا يسلمهم. أليست المجادلة هي حماية؟!

قال رسول الله r: «الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إرجان تكينباش