مع الحديث الشريف – غراس أفكار الإسلام تبني الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
غراس أفكار الإسلام تبني الإنسان
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلِمٍ يغرسُ غرسًا أو يزرعُ زرعًا فيأْكُلُ منْهُ طيرٌ أو إنسانٌ أو بَهيمةٌ، إلَّا كانَ لَهُ بِهِ صدقةٌ”. رواه البخاري.
إن هذا الحديث يعطينا نموذجاً لأعمال البر المستمرة الثواب، لما لها من أهمية ليس فقط في عمارة الأرض بالزراعة والغرس، بل في بناء الإنسان أيضا، فكما يحثّ الإسلام على غرس الأفكار الصحيحة والفكر الصحيح في العقول؛ فهو يحثّ أيضا على غرس الأشجار، وعلى العمل الصالح وعلى أعمال الخير المتنوعة، وقد بيّن الحديث أن في ذلك صدقة جارية، فكما غرس غيرك لك لتأكل فاغرس أنت ليأكل غيرك، فديننا دين العمل، وبذل الوسع والأخذ بالأسباب، وعدم الركون إلى العجز والكسل، وفي هذا تفاؤل، وأمل، وتطلّع إلى المستقبل بنظرة مشرقة.
أيها المسلمون:
لئن اهتم الإسلام بغرس النبات والأشجار، فقد اهتم بالمقابل بغرس الأفكار الصحيحة في عقول الناس، لأن العقول البشرية لا تستطيع وحدها إدراك مصالحها الحقيقية التي تكفل لها سعادة الدارين الدنيا والآخرة، كما لا تستطيع لوحدها أن تميّز بين الخير والشر؛ لأنها قاصرة وناقصة ومحدودة، لذلك لا بد من جعل الإسلام المصدر الأساسي في حياتنا، فلا نتعبد الله بالديمقراطية ولا بالعلمانية، ولا بالوطنية أو القومية، فكلها أفكار ساقطة أثبتت فشلها طوال العقود الماضية، نعم، لا بد أن تعي الأمة هذه الحقيقة، ولا بدّ أن تغرسها في عقلها وهي تسير منذ عقود على جرحها تتألم وتقاوم، باحثة عن طريق الخلاص، لا بد أن تعي الأمة اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن طريق خلاصها يكمن في حقيقة أصبحت كالضحى في الوضوح، وهي أن حكامها هم سبب بلائها، فهم الذين ناصبوها العداء بوقوفهم في صفوف الكفار، وأنه لا منجى ولا خلاص لها من كل هذه الكوارث إلا بعد سحقهم وإزالتهم عن عروشهم، وإقامة دولة الحق على أنقاضهم، معلنين انتهاء حكم المرحلة الجبرية وابتداء مرحلة الخلافة الثانية على منهاج النبوة.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم