Take a fresh look at your lifestyle.

شارلوتسفيل… أزمة مبدأ وحضارة ونظام

 

شارلوتسفيل… أزمة مبدأ وحضارة ونظام

 

 

الخبر:

 

أخبار كثيرة بشأن أحداث مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا الأمريكية. (14 آب 2017)

 

التعليق:

 

يحمّل الكثير من المراقبين المسؤولية المباشرة لأحداث العنف التي انفجرت في مدينة شارلوتسفيل لأجنحة وتيارات من اليمين الأمريكي، مثل النازيين الجدد واليمين البديل والكوكلوكس كلان والمتعصبين البيض وغيرهم، والبعض الآخر يحمل الرئيس ترامب المسؤولية غير المباشرة بسبب خطابه الانتخابي/الرئاسي المتطرف. إلا أن النظرة المدققة تكشف أن المشكلة أعمق وتضرب بجذورها التاريخ والحضارة الغربية بشكل عام والزعيمة الرأسمالية الديمقراطية (أمريكا) بشكل خاص.

 

ثمة معطيات تاريخية وواقعية تدل بما لا يدع مجالاً للشك عن معاناة عنصرية لأعراق كالسود والهنود الحمر، ومن هم من أصول لاتينية أو آسيوية ومن هم من غير البروتستانت، أو ليسوا منحدرين من أصول أوروبية غربية، بما يكفي وحده للدلالة على أن ما يقال عن قدرة الديمقراطية على صهر كل هذه القوميات والأعراق والثقافات في بوتقة واحدة – نظري فقط، وإن ظهر هذا الانصهار فإنه يكون في ظروف مؤقتة ومحددة، خاصة في ظل الحروب والتهديدات الخارجية. ولم يخفف من غلواء هذه العنصرية وصول رئيس “ملوّن” إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، فالحال استمر كما هو، إن لم يكن قد زاد توهج النار من تحت الرماد لينتج مباشرة بعد الرئيس “الملون” رئيساً أبيض شديد البياض!

 

على أية حال، هذه الانقسامات لم تغب عن أذهان واهتمامات المفكرين الأمريكيين. فأحد كبرائهم “زبغينو بريجينسكي” يشير في كتابه (خارج حدود السيطرة) إلى “احتياج أمريكا من أجل تقديم حلول مقبولة لهذه المشكلات – إلى مراجعة كاملة للفلسفة المادية التي تقوم عليها حضارتها، وأن المجتمع الذي لا يملك قيماً وثوابت مطلقة، والذي يقوم على فلسفة تحقيق المتعة الذاتية وإرضاء النزوات هو مجتمع محكوم عليه بالانهيار والذوبان”.

 

وكبير آخر “صموئيل هنتغتون” يضطر لتأليف كتاب بعنوان “من نحن؟” يناقش فيه عناصر الهوية الأمريكية والتحديات التي تواجهها. أي أن سؤال الهوية ما زال يثار في الأوساط الفكرية والإعلامية الأمريكية.

 

وسينحدر المجتمع الأمريكي والرأسمالي بشكل عام من هوّة إلى هوّة أدنى، والسبب هو الإخفاق المبدئي الرأسمالي ومخالفته للفطرة والعقل حينما أقصى الدين عن الدولة والحياة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام / الكويت

 

2017_08_17_TLK_1_OK.pdf