الصين تسعى وراء نمو اقتصادي في الخارج
فيما تتخلى عن ملايين الأطفال داخل بلادها
(مترجم)
الخبر:
ذكر تقرير صدر حديثا عن “الأطفال المتروكين” بأن ثلث الطلبة الريفيين تركوا من قبل والديهم، بينما ادعى 8% منهم أن وفاة والديهم لم يكن له أي تأثير عليهم. ويرى أكثر من نصف الأطفال الريفيين والديهم العاملين المهاجرين أقل من مرتين في العام، وفقا للورقة البيضاء المتعلقة بالظروف النفسية لدى الأطفال الصينيين المتروكين، والذي أرسل إلى صحيفة جلوبال تايمز يوم الاثنين 24 تموز/يوليو من قبل “في الطريق إلى المدرسة”، وهي منظمة غير حكومية توفر المساعدة المالية والنفسية للأطفال المتروكين.
ووفقا لاتحاد نساء عموم الصين، وهي هيئة رسمية، واليونيسيف، وهي منظمة الأمم المتحدة للطفولة، فقد ترك خلال العام الماضي 61 مليون طفل في الصين في سن 17 في المناطق الريفية من قبل والديهم فيما هاجر أحد الوالدين أو كلاهما للعمل. ويعيش أكثر من 30 مليون من الصبيان والفتيات، بعضهم في سن الرابعة، في مدارس داخلية حكومية في القرى، بعيدا عن الآباء، وغالبا ما يكونون بعيدا عن الأجداد أو الوصي. كما أن هناك 36 مليون طفل آخر هاجروا مع أسرهم إلى المدن، لكن آباءهم كثيرا ما يكونون مشغولين جدا عن رعايتهم على نحو سليم.
التعليق:
أصبح التجرد من الصفات الإنسانية ضريبة مجتمعية كارثية للنمو الاقتصادي الرأسمالي. وفي خضم التصنيع الضخم والاقتصاد الصيني الذي يتوسع في الخارج لتحقيق طموح الصين فيما يتعلق بطريق الحرير، تخلى هذا البلد عن أجيال المستقبل من خلال إجبار الملايين من الآباء على الهجرة للعمل. وترافقت هذه الظاهرة أيضا مع تزايد أعداد النساء الصينيات اللواتي يعتقدن أن الزواج ليس ضروريا للعيش حياة سعيدة. ووصل عدد السكان غير المتزوجين في الصين إلى 200 مليون شخص.
كما تستحق الصين أن يطلق عليها اسم “بلد غير صديق للأطفال”. بل إن سياسة الطفل الواحد المثيرة للجدل لعقود من الزمن معادية وتمنع ولادة جيلها المستقبلي لأنها تعتقد بأن عدد السكان الضخم يشكل عبئا اقتصاديا. وعلى الرغم من أن هذه السياسة جرى تنقيحها اليوم، إلا أن الصين لا تزال تعاني من ضعف الرؤية فيما يتعلق بالأطفال والأجيال المقبلة.
إنها ثمرة مريرة للأيديولوجية الرأسمالية المادية التي تنظر إلى حل جميع المشاكل من منظور اقتصادي وتتجاهل الأثر الإنساني لسياساتها على حياة الأطفال والأسر والمجتمع ككل. حتى إن نتائج دراسة أجراها أستاذ من جامعة بكين، لي ييفي (2015)، تشير إلى أن نسب الاتجار بالأطفال والعنف الجنسي والانتحار والجريمة والأمراض المجتمعية الأخرى عالية جدا عند هؤلاء الأطفال “المتروكين”.
قبل انهيار الإمبراطورية، تتآكل أولا من الداخل. قد يبدو الانهيار مفاجئا، ولكن عمليات التعفن الداخلي تُحدث تجويفا في مرونة وحيوية الإمبراطورية قبل انفجارها النهائي. ولا تزال القنبلة الديمغرافية الموقوتة في الصين تُتَكتك بانتظار وفاتها في الوقت الذي لن تعود لديها فيه سيطرة على الأضرار المجتمعية باعتبارها ثمنا باهظا للتقدم الاقتصادي الذي سعت إليه. هذا هو في الواقع جوهر النظم الوضعية التي صنعها الإنسان، والتي تُجرَّد من التوجيه الإلهي وتُخضِع الإنسانية لتجارب ومغامرات شتى. إن الصين بالتأكيد بحاجة للتعلم من الإسلام قبل سقوطها. ولنتذكر قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير