مع الحديث الشريف – “باب لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن”
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
“باب لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن”
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في باب “لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن”.
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يحيى بن زكريا عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول: “لا يَمُوْتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ”.
قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن) وفي رواية: إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى قال العلماء: هذا تحذير من القنوط، وحث على الرجاء عند الخاتمة. قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى، أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفا راجيا، ويكونان سواء، وقيل: يكون الخوف أرجح، فإذا دنت أمارات الموت غلب الرجاء أو محضه؛ لأن مقصود الخوف: الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذا الحال، فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والإذعان له.
لا بد من أن نحسن الظن بالله تعالى في كل أمر من أمور حياتنا، فحسن الظن من العبادة، وقد صح عن ابن مسعود قوله: “والذي لا إله غيرُه ما أُعطي عبدٌ مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنَّه؛ ذلك بأنَّ الخيرَ في يده”.”
فعند الموت -كما ورد في الحديث- يجب أن نحسن الظن بالله تعالى، وعند الشدائد والكرب وعند ضيق العيش وغلبة الدين، وعند الدعاء كذلك فقد صح عنه –صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”، فإذا دعوتم الله تعالى فأحسنوا الظن بالله تعالى أن يستجيب لكم الدعوة.
وإني لأدعو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع
وعند التوبة كم نحتاج أيضا إلى إحسان الظن بالله تعالى؟ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -فيما يحكي عن ربِّه عز وجل- قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنَبَ ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أنَّ له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك» رواه مسلم.
ويقابل حسن الظن بالله تعالى سوء الظن، وهذا خطير خطير، فمن أساء الظن هنا وقع في الحرام، وكأنه يشكو الله بهذا الظن السيئ، لسان حاله يقول: “ظلمني ربي ولم يعطني ما أستحق”.
وهنا تقول: من ظن أن الله لن ينصره…من ظن أن الله لن يُغيّر حال الأمة في هذه الأوقات العصيبة، فقد جانب الصواب ووقع فيما نهى الشرع عنه. فالله سبحانه تعالى نصر أنبياءه وهم في حالة شديدة من الضعف، فهذه سنة من سنن ونواميس الكون، أن يأتي النصر والخير لهذه الأمة بعد عناء وشقاء وتعب، لا أن يأتي على طبق من ذهب، ونحن نؤمن بالله ونتوكل عليه، ونظن به سبحانه وتعالى خيرا، فندرك أن هذا الأمر كائن قريبا قريبا، وندرك أننا لا ننتظر أن يأتي خليفة المسلمين على جناح ملك من ملائكة السماء؛ لا بد من العمل، “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم”، هذا هو الظن الذي نظنُّه بالله سبحانه وتعالى، أن يحقق لنا النتيجة لهذه الأعمال. وواقع الحياة اليوم ينطق بقرب ذلك، كيف لا والهجوم على الإسلام يزداد كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة؟ كيف لا وقد عاد المسلمون يصطفون في صفوف العاملين لإعادة الخلافة؟ كيف لا وقد رفعت الأمة رايات التوحيد في الشام وغيرها، تطالب بتحكيم القرآن؟ هذه الإمارات وغيرها الكثير تدفع الأمة إلى الطريق الحقيقي للتغيير الحقيقي بإقامة دولة الإسلام قريبا إن شاء الله تعالى.
فاللهم إنا نؤمن بك ونتوكل عليك ونظن بك خيرا، اللهم أنجز لنا ما وعدتنا.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم