جاء دور الملحدين ليبرزوا أنفسهم (مترجم)
جاء دور الملحدين ليبرزوا أنفسهم
(مترجم)
الخبر:
في الآونة الأخيرة حصلت ضجة كبيرة عندما انتشرت أخبار عبر وسائل التواصل الإلكتروني حول وجود جمعية “جمهورية الملحدين” في كوالالمبور؛ حيث عقدوا اجتماعهم السنوي في العاصمة. وأوضح نائب رئيس الوزراء الدكتور أشرف وجدي دسوقي عندما سئل عن هذه المسألة قائلًا بأن الحكومة ستتحرى ما إذا كان هناك مسلمون منضمون إلى النادي. ونقلت وسائل الإعلام عن الوزير قوله “إذا كان هناك دليل على تورط المسلمين، وتبين أن هذا الفعل يؤثر على الإيمان، فقد تتخذ وزارة الخارجية الإسلامية إجراءاتها، وسأطلب من الإدارة أن تنظر في هذا بمزيد من التفصيل”. وفي الوقت نفسه ومن خلال وسائل التواصل الإلكتروني؛ فقد كشف مستخدمو الإنترنت أن هناك بالفعل عددا كبيرا من المسلمين قد أصبحوا ملحدين، على الرغم من أنه حتى الآن لم يكن هناك أي دليل على أي اعترافات. وحتى الآن لم تتخذ الحكومة إجراءات أخرى في هذه القضية بالرغم من أن الحكومة تدعي أخذها لهذه المسألة على محمل الجد، وأن الإجراءات ستتخذ ضد المسلمين المعنيين.
التعليق:
كثرت في الآونة الأخيرة، في ماليزيا المجموعات التي تعبر عن نفسها بالكلام الذي يخالف الفطرة السليمة. وعلى الرغم من أن ماليزيا تدعي أنها “دولة إسلامية” إلا أنها من الواضح في هذه الحالة أنها ليست كذلك، وحتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء قوي، ويبدو أن المسألة تنتهي ببساطة. وعلى الرغم من أن الإلحاد كان موجوداً منذ زمن قديم إلا أن ظهور وجرأة هؤلاء الذين ظهروا في بلد مسلم مثل ماليزيا باتت واضحة، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية فإن الاتجاهات الليبرالية آخذة في الازدياد، وأدى تقاعس الحكومة عن كبحها لهذه الاتجاهات، إلى جرأة الليبراليين في إعلان أفكارهم. إن الإلحاد وصعود أصوات المثليين والمتحولين جنسياً ضد الشريعة كلها نتيجة لنظام غير مكترث بالحلال والحرام. الرأسمالية كأيديولوجية مع الديمقراطية كجناحها السياسي غير مهتم في الدين. وفيما يتعلق بالأيديولوجية، لا يلعب الدين أي دور في إدارة الحياة اليومية، فيعتبر الدين مسألة خاصة. وفي الواقع، في المجتمع الرأسمالي، هناك ميل للأفراد لإهمال الدين والتحول إلى الإلحاد. وفي ماليزيا، يحمل الإعلان الذي أصدرته جمعية “جمهورية الملحدين” في كوالالمبور بذور الإلحاد في مجتمع على ما يبدو أنه مسلم، ومن المؤسف أن النظام والأيديولوجية التي ينفذها سيعملان كمحفز في نمو بذور الإلحاد.
وعلى الرغم من إمكانية توقع زيادة في الليبرالية بجميع صورها البغيضة، فإن المسلمين الأيديولوجيين لا يشعرون بالقلق ولا يشعرون بالمسؤولية تجاه إخوتهم لحمايتهم من هجمة هذه الأفكار الفاسدة.
الإسلام هو أيديولوجية مبنية على أساس فكري قوي ومتين. ففي مسألة الإلحاد على سبيل المثال؛ التفكير العقلي ضمن الإطار الصحيح، سوف يؤدي دائماً إلى استنتاج أن الله سبحانه وتعالى موجود وأن وجوده أمر حتمي. وعلاوة على ذلك، فإن نبوة محمد r يمكن أيضا أن تثبت فكرياً وبالتالي، يمكن التحقق من حقيقة الإسلام بإعمال العقل. لذلك من المهم جدا أن يهتم المسلمون بالحجج العقلية التي تجيب بشكل صحيح على أسئلة الحياة؛ ما هي الحياة وما يأتي قبل الحياة، وما سيحدث بعد الحياة والعلاقة بين هذه المراحل؟ يجب على المسلمين الأيديولوجيين أن يلعبوا دورا كبيرا في ضمان إنشاء عقيدة إخوتهم على أساس عقلي.
ومن المؤسف أنه في بلد مسلم مثل ماليزيا، لا تؤخذ الأفكار العقدية على محمل الجد. على الرغم من أن المسلمين يأخذون دروسا في العقيدة في المدرسة الابتدائية، إلا أن الدروس غير مصممة للتأثير في أفكارهم، بل إنها تؤخذ كمواضيع دينية فقط. لم يتم تدريس الطلاب ليفكروا بشكل عقلي فيما يتعلق بوجود الله عز وجل أو الإسلام، ولكن من المتوقع أن يتشربوا كل ما يعطى لهم من أفكار حول ذلك. مع هذه الخلفية، التي تضيف أفكار الكفر العالقة في كل مكان بين المسلمين، فإنه ليس من المستغرب أن يجد الإلحاد مساحة للنمو.
في الواقع، لا يمكن فصل ظهور الإلحاد والمجموعات الإلحادية عن النظام المطبق عليها من قبل الدولة. فالدول الشيوعية تطبق الأيديولوجية الشيوعية التي لا معنى لها على رعاياها، وبالمثل، تطبق الدول الرأسمالية الغربية أيديولوجية الرأسمالية التي تمنح حرية غير محدودة لرعاياها، وتترك لهم الحرية في اختيار دينهم. وبالمثل، في البلاد الإسلامية، فالنظام الديمقراطي المأخوذ من الغرب يعطي الحرية لرعاياه، ويظل الإسلام “الدين الرسمي”. وبالتالي فإن هشاشة العقيدة الإسلامية هي نتيجة لعدم وجود عقيدة تقوم على أساس فكري، بالإضافة لوجود الحرية التي يشعر بها الشعب وتكفلها الدولة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنحنا القوة والتصميم على مواجهة هذا الوضع المظلم. وندعوه سبحانه وتعالى أن يمن علينا بمتعة العيش في ظل الخلافة على منهاج النبوة، والتي ستحررنا من كارثة مجتمع ملحد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد – ماليزيا