بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
“باب فضل الدعاء”
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه “بتصرف” في “باب فضل الدعاء”
حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن الأعمش عن ذر بن عبد الله الهمداني عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ” ثم قرأ: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
قوله: “إن الدعاء هو العبادة” هو من أقصر الدعاء في كونه عبادة لأشياء أخرى أن يكون عبادة والاشتراك بالآية بتمامها، وذلك لأن أول الكلام مسوق للدعاء، فالمناسب به أن يقول: إن الذين يستكبرون عن عبادتي، فإطلاق العبادة في موضع الدعاء يدل على أن الدعاء عبادة.
أيها المستمعون الكرام:
الدعاء عبادة بل هو مخ العبادة لقوله سبحانه (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) فالله جعل الدعاء عبادة فقال سبحانه في الآية (عِبَادَتِي) بعد ذكر (ادْعُونِي) وهذا على نحو قوله – صلى الله عليه وآله وسلم-: «الدعاء مخ العبادة».
فالدعاء عبادة والله يحب عبده الذي يدعوه ويلح في الدعاء «إن الله يحب الملحين في الدعاء»، فإن كان عدم دعاء الله سبحانه استكباراً كان صاحبها من جملة من قال الله فيهم (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) أذلاء صاغرين مهانين.
إلا أنه لما غابت العبادة الصحيحة عن المسلمين، فقَدَ الدعاءُ جوهرَه، فأصبحنا نرى خطباء المساجد يدعون الله من فوق أشرف المنابر وأقدسها أن ينصرهم على عدوهم وكثير منهم لربهم عاصون بسكوتهم على الحكم بغير ما أنزل الله، يدعون الله ويطلبون منه المساعدة وهم عن طريقه مبتعدون، ويسلكون طريق الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، تسعون عاما والخطباء يدعون ربهم، تسعون عاما والعلماء يدعون ربهم، تسعون عاما والأمة تدعو ربها أن يغير حالها، وأن ينصرها على أعدائها، وأن يحرر أرضها ويقيم خلافتها، ولكن الحالَ لم يتغيرْ؟ ألا يسأل المسلمون أنفسهم لماذا؟ والله قادر على كل شيء، فهو القادر على تحقيق ما وعد بكلمة كن فيكون، وهو الذي يستحي أن يرد كف العبد خالية. لماذا لم يتغير الحال حتى الآن إذن؟
لعل الجواب واضح جدا في حديث رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم”.
فمن الناس من يدعو ربه وهو يسبح بحمد السلطان الظالم أو الفاسق أو الكافر، بدل من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ونسي أن العمل الذي عليه القيام به في هذا الموضع، أن يأمره بالمعروف وأن ينهاه عن المنكر، أن يأمره بتطبيق شرع الله في أرض الله، لا أن يداهنه ويجامله، عليه أن يكون في هذا الموضع متمثلا حديث رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- ” سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله”.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم