Take a fresh look at your lifestyle.

نبي الإسلام شاهد على أمة الإسلام وأمة الإسلام شاهدة على جميع الأمم

 

نبي الإسلام شاهد على أمة الإسلام

 

وأمة الإسلام شاهدة على جميع الأمم

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾. [الحج 77 – 78]

 

قَالَ الشَّيخُ محمد عَلِي الصَّابُونِي فِي كِتَابِهِ “صَفْوَةُ التَّفَاسِيرِ”: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا﴾ أَيْ صَلُّوا لِرَبِّكُمْ خَاشِعِينَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُمَا أَشْرَفُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاعبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ أَيْ أَفْرِدُوهُ بِالعِبَادَةِ، وَلَا تَعبُدُوا غَيرَهُ، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَافْعَلُوا الخَيرَ﴾ أيِ افْعَلُوا مَا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ أَنوَاعِ الخَيرَاتِ وَالـمَبَرَّاتِ، كَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَمُوَاسَاةِ الأَيتَامِ، وَالصَّلَاةِ بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ﴾ أَيْ لِتَفُوزُوا وَتَظْفَرُوا بِنَعِيمِ الآخِرَةِ”.

 

وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ أَيْ جَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ حَقَّ الجِهَادِ بِاستِفْرَاغِ الوُسْعِ وَالطَّاقَةِ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾ أَي هُوَ اخْتَارَكُمْ مِنْ بَينِ الأُمَمِ لِنُصْرَةِ دِينِهِ، وَخَصَّكُمْ بِأَكْمَلِ شَرْعٍ، وَأَكْرَمِ رَسُولٍ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ أَيْ وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي هَذَا الدِّينِ مِنْ ضِيقٍ وَلَا مَشَقَّةٍ، وَلَا كَلَّفَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ، بَلْ هِيَ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ أَي دِينُكُمُ الَّذِي لَا حَرَجَ فِيهِ هُوَ دِينُ إِبرَاهِيمَ فَالزَمُوهُ؛ لِأَنَّهُ الدِّينُ القَيِّمُ كَقَولِهِ: ﴿دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [الأنعام: 161] وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الـمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا﴾ أَيْ أَنَّ اللهَ سَمَّاكُمُ الـمُسلِمِينَ فِي الكُتُبِ الـمُتَقَدِّمَةِ، وَفِي هَذَا القُرآنِ، وَرَضِيَ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا. قَالَ الإِمَامُ الفَخْرُ: الـمَعْنَى أَنَّهُ سُبحَانَهُ فِي سَائِرِ الكُتُبِ الـمُتَقَدِّمَةِ عَلَى القُرآنِ، بَيَّنَ فَضْلَكُمْ عَلَى الأُمَمِ وَسَمَّاكُمْ بِهَذَا الاسْمِ الأَكْرَمِ، لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ الـمَذكُورَةِ، فَلَمَّا خَصَّكُمْ بِهَذِهِ الكَرَامَةِ فَاعْبُدُوهُ وَلَا تَرَدُّوا تَكَالِيفَهُ.

 

وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ﴾ أَي لِيَشْهَدَ عَلَيكُمُ الرَّسُولُ بِتَبْلِيغِهِ الرِّسَالَةَ لَكُمْ، وَتَشْهَدُوا أَنْتُمْ عَلَى الخَلَائِقِ أنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ. وَهُوَ كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾. [النساء: 41] رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللّهِ بْنِ مَسُعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ e: «اِقْرَأْ عَلَيَّ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أأقرأ عَلَيكَ وَعَلَيكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي» فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾؟ فَقَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَإِذَا عَينَاهُ تَذْرِفَانِ.

 

وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكَاةَ﴾ أَيْ وَإِذْ قَدِ اخْتَارَكُمُ اللهُ لِهَذِهِ الـمَرتَبَةِ الجَلِيلَةِ، فَاشكُرُوا اللهَ عَلَى نِعْمَتِهِ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَدَفْعِ الزكَاةِ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاعتَصِمُوا بِاللهِ﴾ أَيِ اسْتَمْسِكُوا بِحَبْلِهِ الـمَتِينِ وَثِقُوا، وَاستَعِينُوا بِاللهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُمْ. وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الـمَولَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾. أَيْ نِعْمَ اللهُ تَعَالَى النَّاصِرُ وَالـمُعِينُ. وَقَد تَضَمَّنَتِ الآيَتَانِ الكَرِيمَتَانِ وَجْهَينِ مِنَ وُجُوهِ البَلَاغَةِ:

 

الوَجْهُ الأَوَّلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿اركَعُوا وَاسجُدُوا﴾ وَرَدَ فِيهِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ، وَهُوَ إِطْلَاقُ الجُزْءِ عَلَى الكُلِّ، أَيْ صَلُّوا لأَنَّ الركُوعَ وَالسُّجُودَ مِنْ أركَانِ الصَّلَاةِ.

 

وَالوَجْهُ الثَّانِي: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيرَ﴾. وَرَدَ فِيهِ ذِكْرُ العَامِّ بَعْدَ الخَاصِّ لِإِفَادَةِ العُمُومِ مَعَ العِنَايَةِ بِشَأْنِ الخَاصِّ. بدأ بخاص: ﴿اركَعُوا وَاسجُدُوا﴾، ثُمَّ بَعَامٍّ: ﴿وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ﴾، ثُمَّ بِأَعَمَّ: ﴿وَافْعَلُوا الخَيرَ﴾.

 

وَقَالَ القُرطُبِيُّ: “تَقَدَّمَ فِي أَوَّل السُّورَة أَنَّهَا فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ؛ وَهَذِهِ السَّجْدَة الثَّانِيَة لَمْ يَرَهَا مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة مِنْ الْعَزَائِم؛ لِأَنَّهُ قُرِنَ فِيهَا الرُّكُوعُ بِالسُّجُودِ، وَأَنَّ الْمُرَاد بِهَا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَخُصَّ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ تَشْرِيفًا لِلصَّلَاةِ”. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: “الْقَوْلُ فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيّهَا الَّذِي آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴿ارْكَعُوا﴾ لِلَّهِ فِي صَلَاتكُمْ ﴿وَاسْجُدُوا﴾ لَهُ فِيهَا. وَذِلُّوا لِرَبِّكُمْ، وَاخْضَعُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَمَا أَمَرَكُمْ رَبّكُمْ بِفِعْلِهِ؛ لِتُفْلِحُوا بِذَلِكَ، فَتُدْرِكُوا بِهِ طَلَبَاتكُمْ عِنْد رَبّكُمْ”.

 

فِي غِيَابِ دَولَةِ الإِسلَامِ دَولَةِ الخِلَافَةِ الرَّاشِدَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّةِ يَغِيبُ شَرعُ اللهِ، وَيَتَعَطَّلُ العَمَلُ بِأَحْكَامِ اللهِ، وَإِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ، وَأَدَاءِ الفُرُوضِ الَّتِي فَرَضَهَا اللهُ، وَتَطبِيقِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ e، وَلَا يَستَطِيعُ الـمُسلِمُ أَنْ يُطِيعَ اللهَ بِتَنفِيذِ جَمِيعِ أَوَامِرِه، وَاجْتِنَابِ جَمِيعِ نَوَاهِيهِ، وَلَا أَنْ يَعبُدَ اللهَ كَمَا أَمَرَ اللهَ، وَلَا أَنْ يُجَاهِدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ.

 

اللَّهُمَّ عَجِّلْ لَنَا بِقِيَامِ دَولَةِ الخِلَافَةِ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مِنْ جُنُودِهَا وَشُهودِهَا وَشُهَدَائِهَا إِنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ سُبْحَانَكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ… آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ!!

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد أحمد النادي – الأردن

 

 

2017_09_16_Art_The_Ummah_of_Islam_is_a_witness_to_all_nations_AR_OK.pdf