تذمر باكستان من الخضوع لأمريكا (مترجم)
تذمر باكستان من الخضوع لأمريكا
(مترجم)
الخبر:
أبدت القيادة الباكستانية ردة فعل سلبية أمام انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للموقف الباكستاني في أفغانستان، وقد أرجأ وزير الخارجية الباكستاني خواجة آصف اجتماعه مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، مبديا رفضه لتعليقات ترامب من خلال زيارة العواصم الإقليمية قبل الانتقال إلى أمريكا، وكان قد أوضح موقفه في تعليقات له قبل زيارته القادمة لأمريكا. وفقا لصحيفة الأمة:
قال وزير الخارجية الباكستاني خواجة آصف يوم الخميس إن باكستان سوف لن تتوسل من أجل الحصول على المساعدات الأمريكية.
وقال أيضا “لسنا بحاجة إلى مساعدة أمريكية ولكن تضحيات باكستان ضد (الإرهاب) معترف بها”، وأشار إلى خسائر الضباط العسكريين الباكستانيين خلال الحرب ضد الجماعات المسلحة والخسائر المالية التي عانى منها البلد.
وقال في مقابلة مع قناة إخبارية إن “باكستان خاضت حربا ضد (الإرهاب) بمواردها الخاصة”.
وكان يتحدث عن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن أمريكا قدمت مليارات الدولارات ولكنها لم تقاتل ضد الجماعات التي تقاتل في أفغانستان.
وقال آصف إنه سيطلب من أمريكا والمجتمع الدولي خلال زيارته القادمة إلى نيويورك بذل المزيد من الجهود ضد (الإرهاب) حيث إن بلاده قامت بذلك أكثر من أي شخص آخر.
وعرض الوزير هذه التصريحات عندما لفت انتباهه إلى التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي وغيره من القادة الأمريكيين الذين يطلبون بشكل روتيني من باكستان اتخاذ المزيد من الخطوات ضد (الإرهاب).
وقال وزير الخارجية “لقد نقلنا إلى الولايات المتحدة لتغيير نهجها تجاه باكستان والمنطقة”.
التعليق:
إن رد فعل قيادة باكستان، بل والوسط السياسي الباكستاني بأكمله، يتناقض تناقضا صارخا مع المزاج السائد مباشرة بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 عندما انهار الحاكم العسكري الجنرال برويز مشرف ببساطة أمام المطالب الأمريكية للتعاون في أفغانستان.
“المغوار” مشرف قد اختفى من شاشات التلفزيون لعدة أيام، وعندما ظهر أخيرا في لقطات الشاشة مع كبار السياسيين، كان يبدو أنه لا يزال متزعزعاً بسبب ما كان يحدث.
وفي الواقع إن حكومة مشرف هي التي سهلت وجعلت من الممكن احتلال أمريكا لأفغانستان، التي تعتبر منطقة غير ساحلية ومحاطة بالكامل بالبلدان الإسلامية.
وحتى الآن، تعتمد أمريكا اعتمادا كليا في الوصول البري والجوي إلى أفغانستان عبر الأراضي والمجال الجوي الباكستانيين. وحتى مع كل هذا الدعم، وعلى الرغم من وجود 150.000 جندي من القوات الأجنبية على الأرض، إلا أن أمريكا لم تتمكن من إحكام السيطرة على أفغانستان، وتقلصت سيطرتها إلى عدد قليل من المدن الرئيسية، فضلا عن الطرق السريعة المترابطة، في حين إن المجاهدين يسيطرون على بقية البلاد. أعاد ترامب الكرّة من خلال اللعب على نفس البطاقة، حيث يهدد باكستان مقابل المزيد من التعاون ضد أفغانستان.
ما الذي يفسر صراحة باكستان تجاه أمريكا في هذا الوقت؟ أولا، إن البلد يخضع الآن للقيادة السياسية بدلا من القيادة العسكرية، يتم تدريب الجنرالات على طاعة الأوامر، أو القتال، دون التعرض للمناورة السياسية، حيث قام مشرف بخيار بسيط، إما محاربة أمريكا أو طاعتها، لم يستطع رؤية أي خيار آخر. ثانيا، أصبح الرأي العام المسلم غاضبا جدا من الحروب الوحشية الأمريكية ضد المسلمين وبذلك فإنه من غير الممكن لممثليهم أن يقبلوا الآن وبشكل علني المزايدة الأمريكية. وعلاوة على ذلك تهديد ترامب الفظ والمتبلد جعل أقرب حلفائه يتحدونه علنا. ثالثا، إن موقف الصين (وروسيا أيضا) قد تعزز وتوطد في السنوات الفاصلة، ومن الواضح أن باكستان تتلقى الدعم والتشجيع على موقفها الحالي.
ولكن للأسف، على الرغم من كل الخطاب الناري، إلا أن باكستان لا تزال خادم أمريكا الأكثر ولاء وطاعة في هذه المنطقة. وحتى خواجة آصف، في تصريحاته الواردة أعلاه، امتنع عن التفوه ونطق كلمة واحدة ضد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وقد طلب بالفعل أن تحصل باكستان على التقدير الواجب لمشاركتها الكاملة في دعم الحرب الأمريكية.
ستجد أمريكا أنه من المستحيل أن تبقى يوماً آخر في أفغانستان دون دعم باكستان المستمر، ليس فقط في الدعم اللوجستي الحيوي ولكن أيضا في مجالات حيوية أخرى مثل الاستخبارات والتعاون العسكري والإدارة السياسية. فلماذا تستمر القيادة الباكستانية في أداء هذا الدور، على الرغم من استيائها الواضح من المطالب الأمريكية؟؟ مرة أخرى هناك أسباب متعددة. أولا، نعم، إن باكستان تحكمها حاليا القيادة السياسية، ولكن هذه القيادة ليست مبدئية، إن هؤلاء الساسة غير قادرين على الالتزام بالمبادئ الفكرية السليمة ويسعون بدلا من ذلك إلى المصالح، الوطنية أو المؤسسية أو الحزبية، وأحيانا المصالح الشخصية فقط. ومن المحتم أن القوى الأجنبية بارعة في التلاعب بهذه المصالح لتحقيق كل ما ترغب فيه. ثانيا، في حين إن الرأي العام المسلم هو بالتأكيد غاضب أكثر على أمريكا، إلا أن السياسيين قادرون على دفع التشدق لهذا الغضب في الوقت الذي يتواصل فيه التعاون الضمني مع الأجنبي الكافر. وثالثا، على الرغم من أن الصين وروسيا تدعمان باكستان في هذا الوقت، فإن لهما مصالحهما الخاصة وهما مستعدتان للتضحية بباكستان لأمريكا في أي وقت مقابل فوائد ضئيلة من القوة العظمى الوحيدة في العالم. وعلى الرغم من قوة المجاهدين الأفغان، إلا أن أمريكا تعلم بأن موقفها هناك ثابت طالما أنها تدعم باكستان، وأن الحل لأفغانستان يكمن في باكستان.
إن التغيير في باكستان لن تجلبه أبدا القيادة السياسية الحالية، سواء من قبل الحاكمين أو المعارضين داخل النظام القائم. إن الأمة الإسلامية بحاجة لقيادة عقائدية فكرية مخلصة وملتزمة بأحكام الله ونصرة دينه وليس خدمة الأجنبي الكافر.
وبإذن الله، فإن الوقت قد حان لنشهد إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبي محمد rالتي ستحرر البلاد الإسلامية وتوحدها، وتنفذ أحكام الدين وتحمل دعوة الإسلام إلى العالم بأسره.
﴿وَلَن يّجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فائق نجاح – باكستان