فشل الأمم المتحدة في حماية مسلمي الروهينغا
يعيد الأصداء المروعة للمجازر في صربيا
(مترجم)
الخبر:
نشرت ذي غارديان في 5 تشرين الأول/أكتوبر، مقالة اعتمدت على معلومات من مصادر من داخل الأمم المتحدة ووكالة الغوث، بينت فيها بالتفصيل كيف أن الأمم المتحدة فوّضت ثم كما ورد في التقرير، “أخفت” تقريرا انتقد استراتيجيتها التي تتبعها في ميانمار، والذي حذر من سوء تخطيطها في التعامل مع أزمة الروهينغا القائمة. وقد حذّر التقرير تحت عنوان “دور الأمم المتحدة في إقليم راخان” والذي تمت كتابته على يد ريتشارد هورسي، وهو مستشار مستقل، حيث تم تسليمه في أيار/مايو، حذر من قرب حدوث أزمة كبيرة في إقليم راخان وتوقع “تدهوراً كبيراً” في القدرة على معالجة مسلمي الروهينغا خلال الأشهر الستة التي تلي وقت تسليم المقال، كما بيّن أن على الأمم المتحدة تبني “مخططات طارئة وجدية” فورا، وأن المنظمة فشلت في القيام بذلك. كما بين أن قوات أمن ميانمار ستكون “خرقاء” و”عشوائية” في تعاملها مع الروهينغا. وهذا بالفعل ما حصل، حيث تم شن حملة تطهير عرقي أدت إلى مقتل المئات وهروب أكثر من نصف مليون مسلم روهينغي إلى بنغلاديش خلال أسابيع قليلة. وقد تمت هذه الدراسة بتفويض من ريناتا لوك ديسالين، وهي المنسقة المقيمة للأمم المتحدة، والمسؤولة الأعلى في المنظمة في ميانمار، والتي تم اتهامها بإخفاء محتويات التقرير. كما قال عمال الإغاثة إن الأمم المتحدة فضلت الحفاظ على علاقات جيدة مع حكومة ميانمار وعلى مبادرات التنمية في إقليم راخان، وذلك على حساب الإنسانية والدعوة لحقوق الإنسان. وقد عكس التقرير وجهة النظر هذه، مبينا أنه كان يوجد “منظور عام” يؤمن بضرورة وجود “مقايضات بين التأييد والتواصل الذي حصل بشكل عملي للتقليل من أولوية حقوق الإنسان والعمل الإنساني، والذي تم النظر إليهم على أنهم موضوع معقد يهدد العلاقات مع الحكومة”. كما نقلت البي بي سي عن مصادر في الأمم المتحدة وعمال إغاثة آخرين، أنه في السنوات الأربعة التي سبقت الأزمة الراهنة، حاول قائد الأمم المتحدة في ميانمار إيقاف نشر قضية حقوق الروهينغا لإيصالها إلى الحكومة، كما حاول إيقاف سفر نشطاء في حقوق الإنسان إلى مناطق الروهينغا، وحاول إيقاف محاولات لنشر حقوق الروهينغا على المستوى العام وعزل الموظفين الذين حاولوا التحذير من احتمالية حدوث تطهير عرقي في المستقبل القريب. وقال عضو رفيع المستوى في الأمم المتحدة لبي بي سي: “لقد كنا وسطاء لمجتمع الراخان على حساب الروهينغا”. وبين فيل روبيرتسون، وهو نائب مدير آسيا في منظمة مراقبة حقوق الإنسان: “أنه لا بد من تحميل الأمم المتحدة جزءا كبيرا من اللوم بسبب سماحها بتدهور الأمور إلى هذا الحد، وبهذه السرعة”.
التعليق:
إن فشل الأمم المتحدة في حماية مسلمي الروهينغا من المجازر وعمليات التطهير العرقي على يد الجيش البورمي تعيد إلى الأجواء أصداء التطهير العرقي في صربيا في تموز/يوليو عام 1995 خلال الحرب البوسنية، وذلك عندما قامت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والذين كانت تقع عليهم مسؤولية الحفاظ على حياة المدنيين المسلمين في البلدة، بالسماح بحدوث مجزرة راح ضحيتها 8000 مسلم على يد الجيش الصربي أثناء فترة مراقبتهم. حيث إنهم فشلوا في منع القوات الصربية من الاستيلاء على البلدة، على الرغم من قيام الأمم المتحدة بتصنيفها كـ”منطقة آمنة” تقع تحت حمايتها. وبعد هذه المآسي قال المجتمع الدولي والأمم المتحدة إن هذا “لن يحصل مجددا أبدا”، ولكن التاريخ يثبت غير ذلك ويعيد نفسه مرارا وتكرارا. وذلك لأن الأمم المتحدة، والتي ما زال يعتبرها الكثيرون الهيئة التي تمتلك القدرة على منع مثل هذه العمليات من التطهير العرقي، لم تكن أبدا في الحقيقة قد أوجدت لهذا السبب. بل تم إيجادها لتكون أداة لتسهل ببساطة أجندة السياسة الخارجية الرأسمالية لقوى العالم الأساسية، أمريكا وبريطانيا وفرنسا، حيث إنهم لا يهتمون أبدا بحماية النفس الإنسانية ما لم يكن ذلك لمصالح سياسية أو اقتصادية يتم تحقيقها من خلال ذلك. وهذا ما يوضحه جواب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أزمة الروهينغا خلال جلسته في أيلول/سبتمبر. فعلى الرغم من علمه بعمليات حرق قرى بأكملها، والقتل العشوائي للرجال والنساء والأطفال والرضع، و”عملية التطهير العرقي” وما ترتب على ذلك من نزوح مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا اليائسين، فإن مجلس أمن الأمم المتحدة فشل حتى في فرض حظر شامل للأسلحة على نظام ميانمار المجرم.
ويجب علينا الآن كمسلمين أن نقول “لن يحصل ذلك أبدا مجددا!”… “لن يحصل ذلك أبدا مجددا!” بأن نضع آمالنا في منظمة واهنة لحماية دماء هذه الأمة! “لن يحصل ذلك أبدا مجددا” بأن نضع ثقتنا في منظمة فشلت في حماية حياة وحقوق المسلمين في بلاد لا تُحصى ــ بما فيها غزة وكشمير وسوريا وإفريقيا الوسطى! و”لن يحصل ذلك أبدا مجددا” بأن نتخذ طريقا يشتتنا عن الحل الحقيقي لإنهاء هذه المآسي التي تصيب أمتنا. فكما قال رسول الله r: «لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ واحد مَرَّتَيْنِ». إن الحل الوحيد لإنهاء إراقة دماء أمتنا هو أن نقوم ببذل كامل جهودنا في العمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة والتي ستمثل بحق مصالح المسلمين والتي ستكون ملزمة من الله سبحانه وتعالى بحماية دمائهم. فوضع آمالنا وثقتنا بأي حكومة أو هيئة أو منظمة غير إسلامية لحماية المسلمين هو أمر محتوم الفشل. فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير