Take a fresh look at your lifestyle.

هشاشة النظام اللبناني وسطحية القيمين عليه

 

هشاشة النظام اللبناني وسطحية القيمين عليه

 

 

 

الخبر:

 

لقاء في دارة وليد جنبلاط في كليمنصو ضم كلاً من رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري واتفاق على أهمية الاستقرار. (موقع جريدة النهار)

 

التعليق:

 

عُقد الاجتماع هذا في ظل أحداث عدة منها داخلية وأخرى خارجية. أما الملف الداخلي الأهم فهو يتمحور حول دعوة كلّ من حزب إيران وتيار رئيس الجمهورية للتنسيق مع النظام النصيري المجرم تحت عنوان “عودة النازحين السوريين”. مع العلم أن النظام السوري الذي ارتكب المجازر بحق شعبه يعتبر عودة الهاربين من بطشه وإجرامه خطراً عليه. لذلك يُفهم أن الدعوة للتنسيق معه إنما هي محاولة عبثية لتعويمه سياسياً وبهدف كسب نقاط إضافية في مسلسل التنازلات التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري لحزب إيران.

 

سبق هذا الاجتماع زيارة كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل للسعودية. وكان قد هاجم وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ​ثامر السبهان حزب إيران حيث غرّد على موقع التويتر: “العقوبات الأمريكية ضدّ “الحزب المليشياوي الإرهابي” في لبنان جيدة، ولكن الحلّ بتحالف دولي صارم لمواجهته ومَن يعمل معه لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي” (النهار 8 تشرين الأول). لكن مصادر رئيس الحكومة قالت بعد تغريدة السبهان​ إن “السعودية لا تريد التصعيد في لبنان، وكل المعلومات تؤكّد أن لبنان لا يزال محيّداً عن التصعيد في المنطقة، وكلام الوزير ​ثامر السبهان​ يبقى كلاماً ولا يعكس قراراً رسميّاً بالتصعيد”. (موقع النشرة 9 تشرين الأول)

 

وهكذا يُفهم من التحرك السعودي وما لحقه من اجتماع في كليمنصو أن الهدف هو تخفيف من حدة التصعيد السياسي الكلامي في لبنان وأيضاً تخفيف الضغط السياسي عن رجل السعودية سعد الحريري وتمهيد لإرساء تحالف سياسي ثلاثي (وليد جنبلاط – نبيه بري – سعد الحريري) أو حتى رباعي استعدادا للانتخابات النيابية المقبلة. أقول رباعياً كون حزب إيران مع أنه لم يكن حاضراً في اجتماع كليمنصو إلا أنه لم يكن بعيداً عنه. فهو ولو كان يصعد كلامياً ضد كلام السبهان ويكرر الدعوة للتنسيق مع النظام إلا أنه في خطاب زعيمه نهار الأحد 8 تشرين الأول جدد فيه الدعم للحكومة والحفاظ على الاستقرار وعدم جر الاشتباك الإقليمي (السعودي الإيراني) إلى الداخل حسب كلام زعيم حزب إيران.

 

يُذكر أن هذه المناكفات السياسية تشبه إلى حد كبير ما كان يحصل قبل انسحاب الجيش السوري من لبنان سنة 2005. وفي وقتها كان النظام السوري يتدخل بشكل مستمر لضبط المناكفات السياسية بين الأطراف. لكن ما يهمنا هو أن هذه المناكفات تكشف عن مستوى التعاطي السياسي المنحط في البلد. فبالرغم من عدم وجود أي صراع دولي على لبنان إلا أن المناكفات السياسية تبقى محتدمة وتتطلب من فترة إلى أخرى تدخلاً من قبل دولة إقليمية أو من السفارة الأمريكية.

 

ولم يقتصر هبوط المستوى الخطابي والأداء السياسي في المناكفات بين الأطراف بل يتجلى في مناسبات أخرى. ففي نهار الأحد 8 تشرين الأول صرح وزير خارجية لبنان جبران باسيل متفاخراً بعنصريته ليقول: “نحن عنصريون بلبنانيتنا مشرقيون بانتمائنا عالميون بانتشارنا” وكان كلامه موجها ضد أهل سوريا. مع أننا نستطيع أن نكتفي بوصف هذا الكلام بـ”غير إنساني” لكن الأمر حقيقةً يتخطى هذا الوصف. إذ إن القاصي والداني يعلم أنه لو كان أهل الهاربين من إجرام النظام السوري هم من النصارى ما تكلم جبران باسيل بهذا الشكل. بل سيدافع عن وجودهم في لبنان بشراسة تحت شعار الدفاع عن (الأقليات) في الشرق الأوسط وينسى “عنصريته اللبنانية”! ومع أن هذا الخطاب السياسي الطائفي العنصري المقيت هو أحد الأسباب غير المباشرة لاندلاع الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975 لكن يأبى البعض إلا أن لا يتعلموا من الماضي!

 

كل هذه الأحداث والتصريحات تكشف مدى هشاشة النظام اللبناني ومدى سهولة اختراقه والتلاعب به، فحكام لبنان ليسوا رجال دولة ولا سياسيين، بل زعماء عصابات تتحكم بهم عقلية رجل العصابات فلا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم، وشرعية وجودهم مستمدة من قوة الاستعمار فقط فهم مجرد قشور لا جذور لها، وبمجرد أن تقوم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ستخرج عليهم الناس دفعة واحدة لتتخلص منهم!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد اللطيف داعوق

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان

2017_10_12_TLK_2_OK.pdf