عطلة يوم العيد للمسلمين في ألمانيا
الخبر:
دعا وزير الداخلية الألمانية دي ميزير للحوار حول إمكانية تعطيل المسلمين يوم عيدهم الديني في خطوة اعتبرها إيجابية في اتجاه اندماج المسلمين في المجتمع الألماني الأمر الذي يراه لزاما نظرا لازدياد أعداد المسلمين في ألمانيا. [شتيرن]
التعليق:
يأتي الإسلام في المرتبة الثانية بعد النصرانية من حيث عدد أتباعه، فقد تجاوز المسلمون في ألمانيا خمسة ملايين نسمة مما يشكل نسبة تزيد عن 5.5%، ومع ذلك لم يعتبر جزءا من تركيبة المجتمع، ولا يُعترف به كدين رسمي، بل إن كلمة الرئيس الأسبق كريستيان فولف التي ألقاها بمناسبة العيد الوطني لوحدة ألمانيا في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر عام 2010 والتي قال فيها “إن الإسلام جزء من تركيبة المجتمع الألماني”، لاقت حينها اعتراضا واسعا حتى من المستشارة ميركل آنذاك، وصرحت ردا عليه مباشرة بأن المجتمع الألماني مكون من نصارى ويهود وليس غير، ولكنها بدورها رددت نفس العبارة بقبول الإسلام جزءا من المجتمع الألماني أثناء زيارة رئيس وزراء تركيا داود أوغلو عام 2015 حيث قالت “أؤيد ما قاله الرئيس فولف من قبل باعتبار الإسلام جزءا من المجتمع الألماني… وهو كذلك”. فما الذي جعلها تعدل عن رأيها، رغم معارضة حلفائها من حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي (CSU) الذي يحكم بأغلبية ساحقة في مقاطعة بافاريا؟ مع العلم أن الكلمة بقيت مفرغة من محتواها ولم نشهد إجراءات عملية لتحقيقها واقعيا.
ففي استطلاع مفتوح حول السؤال: هل يعتبر الإسلام جزءاً من المجتمع الألماني؟ كانت الإجابة بنسبة تقارب الثلثين بـ”لا”، [Welt N24]، ومما يؤيد هذا الاستطلاع هو نجاح اليمين المتطرف المعروف بعدائه للإسلام بشكل خاص في الانتخابات الفدرالية الأخيرة حيث وصل من الصفر إلى 12.5% ليصبح القوة الحزبية الثالثة في البلد.
المحاولات السياسية لدمج المسلمين وصهرهم في المجتمع باءت بالفشل، ولن يُنجِحها منح المسلمين يوما في السنة عيدا دينيا معترفا به، كما لم يساهم من قبل إدراج درس الدين الإسلامي في المؤسسة التعليمية، لأن القضية ليست في أهلية المسلمين للعيش بسلام مع غير المسلمين، والعيب يكمن في أفكار القومية والوطنية السائدة في المجتمع، وفكرة التفاضل بالعرقية التي يرفضها الإسلام، وغيرها من الأفكار التي تأصلت في المجتمع مثل رفض الأجنبي وعدم القبول بحقوق الطوائف الصغيرة، والأهم هو نظرتهم إلى المصلحة الفردية والأنانية كرابط أساسي، جعلت مسألة الصهر والاندماج صعبة بل مستحيلة، لأنهم يشترطون على الآخر التنازل عن كل شي مخالف لطريقتهم في العيش، حتى في المظاهر التي لا تقدم ولا تؤخر، مثل اعتبارهم الخمار تهديدا أمنيا.
من اللافت للنظر أن وزير الداخلية لم يطرح هذه الفكرة أثناء فترة حكمه، بل طرحها وهو على وشك مغادرة منصبه إثر الانتخابات الأخيرة، ربما يريد بذلك تلطيف الأجواء التي شحنها ضد المسلمين من قبل بدعوى محاربة (الإرهاب)، وربما يسعى لكسب رضا السطحيين من ممثلي الجاليات الإسلامية الذين قبلوا بأقل من ذلك وهم مستعدون للتنازل عن ضرورات شرعية مرتبطة بالحياة العامة، إرضاء للغرب أو خوفا من سطوته، وخصوصا بعد ازدياد حالات الاعتداء على المسلمين في ألمانيا حسب تقارير الشرطة الفدرالية الألمانية الذي تم نشره مؤخرا [جريدة الراية].
وحده الإسلام بتطبيق قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ هو الذي استطاع أن يجعل من ابن إندونيسيا أخاً لابن المغرب، وابن الحبشة أخا لابن القوقاز، لا يسلمه ولا يظلمه ولا يخذله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة