الغنوشي… غافلٌ أم مستغفِل؟
الغنوشي… غافلٌ أم مستغفِل؟
الخبر:
قال رئيس “حركة النهضة” التونسية راشد الغنوشي، إن “الديمقراطية من أصل الإسلام الذي لم يقر الجهاد لفرض الدين بالسلاح، وإنما لتحرير الشعوب المظلومة حتى لو لم تكن مسلمة”، مبيناً أن “هناك بعض المتشددين يفهمون الجهاد بشكل خاطئ”.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الغنوشي أثناء مشاركته في ندوة علمية بعنوان “المناقشات الدولية في إسطنبول” نظمتها، اليوم الجمعة، جمعية “سبعة أهلّة” التركية في إسطنبول.
وتحدث الغنوشي عن مفهوم الجهاد في الإسلام، قائلا “هناك جهاد قتالي بالطبع، لكن ليس هدفه فرض الإسلام على غير المسلمين، وإنما جُعل الجهاد للدفاع عن أوطان الأمة حينما تتعرض للخطر كما يحدث في فلسطين، وأيضًا للدفاع عن المظلومين في كل مكان”.
وفي السياق، قال الغنوشي “نحن لم نستورد الديمقراطية من الغرب، فهي من أصل الدين الإسلامي الذي فرض مبدأ الشورى، مهما اختلفت المسميات، شورى أو ديمقراطية فالجوهر سيظل واحدًا وهو أن الإسلام يحرر الصراعات بين الحق والباطل وبين الحرية والاستبداد ويحرر الشعوب من سطوة رأس المال”. عن (المصريون).
التعليق:
لا ندري بماذا نصفُ قائل هذا الكلام! أهو عالم بما يقول، ومدركٌ لحقيقة الديمقراطية، لكنه متآمر على الإسلام والمسلمين يستغفل عامّتهم بهذا القول؟ أم هو غافل لا يدرك – بما بلغ من عمر وعلم – الفرق بين الديمقراطية والشورى، وفضلاً عن ذلك، فإن كان زعمُه صحيحاً بأنّ الديمقراطية هي الشورى ومن أصل الإسلام، فهل المسلمون بحاجة إلى هذا اللفظ وهذا المصطلح؟ ألا يغني مفهوم الشورى عن مفهوم الديمقراطية إن كان ما زعمه صحيحاً؟ أم هو تلبيس إبليس الذي يجعل الباطل حقاً والحقَّ باطلا؟
لا يخفى على باحث منصف أن الديمقراطية ليست هي الشورى، بل إن الديمقراطية نظامُ حُكمٍ كافرٌ، يعطي العقل حقّ التشريع، وليس هذا الاختلاف هو الوحيد بين الديمقراطية والشورى، ولكن لو لم تكن إلا هذه المخالفة لكانت كافية لنبذ الديمقراطية والكفرِ بها، أقول هذا كي لا ينخدع بعض المسلمين باستخفاف الغنوشي لعقولهم.
أما الجهاد، فلعل قائل هذا القول لم يقرأ القرآن، أو أنه لم يجاوز حنجرته حين قرأه، فلم يعلم أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾، [سورة التوبة: 73]، و[التحريم: 9]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [سورة التوبة: 123]. إضافة إلى عشرات الآيات الكريمة التي تأمر بقتال الكفار، والمأمور بقتالهم في الآيتين وغيرهما هم الكفار، جمع (كافر) اسم فاعل، أي أنّه مشتق، وهذا يعني أن مصدر الاشتقاق الذي هو الكفر هو علة القتال، فيقاتل المسلمون الكفار لكفرهم، وليس لمجرد اعتدائهم على بلاد المسلمين، والمسلمون يجاهدون لكسر الحواجز المادية التي تقف في وجه نشر الإسلام، أي قتال جيوش الكفر التي تمنع انتشار الإسلام وتطبيقه على الناس، أما دعوى الغنوشي أن الجهاد مقتصر على تحرير المظلومين فلم يأت على دعواه بدليل شرعي، أو استنباط شرعي صحيح، بل هي من وسوسات شياطين الجن والإنس في عقول أمثاله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليفة محمد – الأردن