النفعية الرأسمالية تهلك الحرث والنسل
الخبر:
قررت الحكومة الفرنسية منع استخدام مستحضر الجليفوسات Glyphosat المبيد للنباتات خلال خمسة أعوام في إجراء انفرادي، بينما تصر لجنة الاتحاد الأوروبي على تمديد ترخيص استخدام المستحضر لعشر سنوات قادمة. [الزمن – أونلاين]
التعليق:
منذ زمن طويل والجدال دائر بين علماء النباتات والأطباء حول الأضرار التي يتسبب بها هذا المستحضر السام الذي يستخدمه المزارعون للقضاء على الأعشاب “الضارة” والحشائش.
منظمة الخضر لحماية البيئة(Greenpeace) أصدرت عدة أبحاث حول مضار هذا المستحضر وأثره في تسبب أمراض السرطان للإنسان بالإضافة إلى الضرر في الطبيعة بسبب القضاء على النباتات “الضارة” مما يحدث خللا في الميزان الطبيعي عند القضاء على الأعشاب الأمر الذي يؤدي إلى إهلاك الحشرات والهوام التي تنفع في الأرض وتنتفع بهذه النباتات.
تعلل اللجنة الأوروبية عدم حظر المستحضر هذا بأنه لم يثبت الضرر على وجه القطع، ولكن أصابع الاتهام توجه للطعن في هذه الأبحاث من قبل كثير من المراقبين وخاصة من المعارضة، وجمعيات البيئة لأنها أبحاث مدفوعة من قبل اللوبي الاقتصادي وبعضها كان مدفوعا من قبل المنتجين للمستحضر أنفسهم.
أثبتت أبحاث حرة بأن نسبة 63.6% من منتوج العنب على سبيل المثال وفي غيره من المنتجات الزراعية في العام الماضي في ألمانيا يحتوي على هذه المادة المسممة بنسب عالية، ولا سبيل للتخلص منها مما يسبب أمراضا في الكبد والكلى وأمراضاً سرطانية أخرى مثل سرطان الغدد اللمفاوية. وقد تم تصنيف المادة في منظمة الصحة العالمية (WHO) “من المحتمل أنها مسببة للسرطان” [يوتوبيديا]
يستخدم المستحضر في أكثر من 40% من مساحة الأراضي الزراعية في ألمانيا بشكل مستمر وفي الأماكن والساحات العامة وفي جوانب سكة الحديد، وهو ما يؤثر بشكل كبير على توازن البيئة وتنوعها الحيوي.
ليس الأمر متعلقاً في الدرجة الأولى بالإنتاج لأن الكمية التي تنتج سنويا ليست كبيرة (حوالي 6000 طن) ولكن ما يترتب على ترك استخدامه من نقص في الإنتاج الزراعي هو السبب في عدم منعه، كما صرح بذلك المزارعون الفرنسيون الذين احتجوا على قرار المنع وعللوه بقولهم إن “منع استخدامه من جانب واحد يتسبب في نقص المحصول مما يترتب عليه عدم القدرة على المنافسة في الأسواق” فالقضية إذن قضية اقتصادية ونفعية وربح مصدره جشع الرأسمالية وطمعها، وسببه عدم مبالاتها بالأضرار المتوقعة أو المؤكدة على الإنسان أو الحيوان أو البيئة.
الأمثلة المشابهة لهذا كثيرة في المنتجات الصناعية والزراعية وحتى في الأدوية، وهم لا يبالون في تزوير التقارير والأبحاث لصالح أرباب العمل وأصحاب رؤوس المال. ويقف السياسي غالبا على مفترق الطرق، إما أن يفضح الأمر فيخسر منصبه ويمضي أو يسكت ويُمضيه، وأمثلهم طريقة من يبرر القرار بدراسة مدفوعة أو مرتشية، لتحسين الصورة عند الناس، ويستخدم الإعلام لذلك بوقا للرأسماليين.
ما دام الرابط بينهم هو النفعية، ومبدؤهم مبني على النفعية، فلا غرابة أن تكون الغاية عندهم تبرر الواسطة، فهذه “الميكافيلية” ركن من أركان مبدئهم ومنهج لحياتهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. يوسف سلامة – ألمانيا