Take a fresh look at your lifestyle.

الفساد علاقة تفاعلية بين الحاكم والرعية

 

الفساد علاقة تفاعلية بين الحاكم والرعية

 

 

الخبر:

 

وكالات: في إطار الحملة ضد الفساد قام الأمير محمد بن سلمان باعتقال 208 أشخاص، منهم 11 أميراً و4 وزراء حاليون وعدد من الوزراء القدامى وضباط ومسؤولون آخرون، كما جمد أكثر من 1700 حساب.

 

التعليق:

 

بغض النظر عن الأهداف الحقيقية لهذه الاعتقالات، أريد أن أعلق على الأهداف المعلنة وهي محاربة الفساد، وأتساءل هنا أيهما أكثر فسادا الملك سلمان الذي دفع لترامب 460 مليار دولار لقاء تغيير نظام انتقال الملك في السعودية بحيث ينحصر الملك في ولد سلمان، أم الأمراء والوزراء والأغنياء الذين نهبوا 100 مليار؟!

 

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد أن الفساد هو علاقة تفاعلية بين الحاكم والرعية، فإذا كان الحاكم فاسدا انتقل الفساد إلى الرعية، وكل حسب مركزه، فكلما زاد المركز زادت السرقة، وكلما انخفض المركز انخفضت السرقة.

 

لما أُتِي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يُقلبه بعود في يده ويقول: “والله إنَّ الذي أدَّى إلينا هذا لَأمين”. فقال علي بن أبي طالب: “يا أمير المؤمنين عَفَفْتَ فَعَفُّوا ولو رَتَعْتَ لَرَتَعُوا”.

 

ما جرى من حديث بين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ليؤكد أن الفساد أو الأمانة علاقة تفاعلية بين الحاكم والمحكوم، وأن المهم في هذه المعادلة هو الحاكم ومدى أمانته، فإذا كان أمينا عفيفا لم يطمع في المال العام ولم يأخذ منه شيئا، انتقلت هذه العفة والأمانة إلى رعيته، فالنظام هو الذي يصنع الأخلاق في المجتمع، فإذا كان النظام إسلاميا وكان الحاكم محسنا في تطبيق الإسلام كانت أخلاق الرعية أخلاقا إسلامية، وإذا كان النظام المطبق نظاما رأسماليا كانت الأخلاق أخلاقا نفعية، وإذا كان الحاكم فاسدا لصا، كانت الرعية فاسدة تسرق أموال الأمة…

 

فرأس النظام السعودي كان أكثر فسادا من بقية الأمراء والوزراء وغيرهم، ولا يحق له أن يتكلم عن الفساد أو يكون هو رأس اللجنة التي تحارب الفساد!

 

الأمر الآخر الذي يؤدي للفساد هو سكوت الأمة عن الفاسدين، وعدم محاسبتها لهم وعدم إنكارها عليهم وعدم الأخذ بالقوة على أيديهم وأطرهم على الحق أطرا، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]، وفي الحديث: «كَلاَّ، وَاللَّه لَتَأْمُرُنَّ بالْمعْرُوفِ، وَلَتَنْهوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَأْطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، ولَتقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.

 

إن محاسبة الفاسد ومقاطعته مجتمعيا تحفظ أموال الأمة؛

 

كثير من الناس يسارعون في انتخاب الفاسد وإيصاله إلى المكان الذي يسهل له فيه سرقة عشرات الألوف مقابل 50 ديناراً أو أقل! وكثير من الناس يسعى للحصول على رضا الفاسد، ويقدمه ويحترمه ويحرص على مشاركته في الجاهات لحل المشاكل أو زواج الأولاد… ولو قاطع الناس الفاسدين واحتقروهم ولم يقفوا على أبوابهم لما استمروا في سرقاتهم وفسادهم، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78-79]

 

اللهم هيئ لهذه الأمة من أمرها رشدا، وخليفة تبايعه على العمل بكتاب الله وسنة رسوله لنرتاح من الفاسدين وبطانتهم، اللهم آمين…

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نجاح السباتين – ولاية الأردن