Take a fresh look at your lifestyle.

ماذا وراء استقالة الحريري؟

 

ماذا وراء استقالة الحريري؟

 

 

 

الخبر:

 

قدم الحريري استقالته من السعودية وأكد عليها مساء أمس في مقابلة تلفزيونية ملمحاً إلى شروط للعودة عنها.

 

التعليق:

 

بصرف النظر عن طبيعة الاستقالة والظروف التي أحاطت بها، فالحقيقة التي يجب أن ندركها جميعاً أن سعد الحريري ما كان ليقدم على هذا الأمر دون موافقة حكام آل سعود سواء أجبر على الاستقالة أم لا. فالمهم هو أن نعرف لماذا أرادت السعودية ذلك؟ والسؤال الأهم هو حول موقف أمريكا من الأمر. وهنا بيت القصيد، أي أن أمريكا (عدو الأمة) هي التي تخطط لحكام المنطقة وهي التي تضع لهم الحلول المناسبة لها أولا وأخيراً وتوهمهم أنها تساعدهم في حل مشاكلهم التي هي من يفتعلها ويقف وراءها، ولكن كيف لعميل أو ذليل أو حقير أن يخالف أمر سيده!!!

 

وللتوضيح أقول:

 

إن أمريكا هي التي سمحت لإيران بالتمدد في اليمن حتى عدن.

 

ثم إن أمريكا أيضاً هي التي خوفت مملكة آل سعود من الخطر الإيراني وشجعتها على الحرب في اليمن لإيقاف هذا المد الإيراني الذي يهدد السعودية، وهي التي عرضت خدماتها ببيع الأسلحة المناسبة للحرب القذرة هذه، بل والأكثر من ذلك إلى طلب الأموال الطائلة من حكام الخليج لحماية عروشهم المهترئة من الخطر الإيراني والذي هو من صنعها وتغذيتها وإدارتها المباشرة وغير المباشرة للوصول إلى هذه النتائج التي تخدم مصلحتها أولا وأخيراً.

 

ولكن إيران استخدمت أشياعها في لبنان وسوريا والعراق واليمن بغطاء أمريكي واضح أو بغض النظر عنه، على أقل تقدير، لأنها كانت ترى فيه خدمة مباشرة لمصالحها الحيوية في المنطقة فتحققه عن طريق إيران دون أن تزج بجنودها في حروب المنطقة، فإيران تحارب بالوكالة عن أمريكا لتخويف حكام الخليج وابتزازهم، ولذلك فهي حاجة لأمريكا لا يمكن الاستغناء عنها لتنفيذ سياستها وسرقة أموال المسلمين والإبقاء على العداء بينهم حتى لا تقوم لهم قائمة حسب تخطيطهم الشيطاني.

 

ولكن حكام آل سعود طالبوا أمريكا بالضغط على إيران وقطع يدها الممتدة إليهم بل وشن الحرب عليها، فجاء الرد من ترامب بأنه سيعمل على احتواء إيران.

 

من خلال ما تقدم يمكن لنا أن نفهم جانبا مهما من خلفية استقالة الحريري والتي أرادت السعودية من خلالها كف أيدي إيران عنها في اليمن خاصة وزيادة نفوذها في لبنان بعد أن تعاظم دور إيران فيه وأن تقلص دورها في سوريا والعراق أيضا إلى أقل ما يمكن.

 

أتوقع أن ترضي أمريكا حكام الخليج ببعض الأمور البسيطة والسطحية مثل التعهد النظري وغير القابل للتطبيق وهو تحييد لبنان والنأي به عن التدخل في دول المنطقة. فأمريكا الآن لم تعد تحتاج حزب إيران كالسابق في سوريا واليمن والعراق، ولذلك قد ترعى تسوية بهذا الخصوص توهم بها الخليج أنها قطعت أيدي إيران وهي تكون عمليا قد انتهت من استخدامها لإيران لابتزاز أموال المسلمين.

 

فهل استفاق المسلمون وهل وصلوا إلى القناعة بأن لا حل لكل مشاكلهم إلا بإرجاع دولتهم الإسلامية الجامعة لهم كلهم والتي ستعمل عندها على قطع يد أمريكا عدو الأمة بدل أن يقاتل المسلمون بعضهم بعضا؟

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جابر

عضو اللجنة الإدارية لحزب التحرير في ولاية لبنان