متظاهرو اليمين المتطرف الأوروبي في بولندا يصلّون من أجل محرقة إسلامية (مترجم)
متظاهرو اليمين المتطرف الأوروبي في بولندا يصلّون من أجل محرقة إسلامية
(مترجم)
الخبر:
كتبت صحيفة “واشنطن بوست” في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر “صلاة من أجل محرقة إسلامية: مسيرة لعشرات الآلاف من اليمين المتطرف الأوروبي في بولندا”. وكان المتظاهرون يحتفلون بذكرى استقلال بولندا في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1918م، عندما استعادت بولندا الدولة بعد 123 عاما من الانقسام داخل حدود روسيا وبروسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية.
التعليق:
لقد كان شعار الكراهية: “نصلي من أجل محرقة إسلامية” مصحوبا بشعارات وطنية أخرى مثل “الدم النقي” و”اللاجئون يخرجون” و”أوروبا البيضاء”. وقد أصبح الاحتفال السنوي بالاستقلال احتفالا عنصريا وفاشيا على نحو واضح في السنوات الثلاث الماضية، حيث كان ينمو باطراد. وقد بلغ عدد المتظاهرين أمس 60 ألفا وعرّفوا أنفسهم بألوانهم ولغتهم وانتمائهم للكنيسة الكاثوليكية.
ويُعتبر اللاجئون المسلمون الذين نزحوا إلى أوروبا من قبل البولنديين اليمينيين المتطرفين، غزاةً دخيلين، وقد رفض الحزب الحاكم اليميني البولندي، وهو حزب العدالة والقانون البولندي، دخول اللاجئين منذ وصوله إلى السلطة في عام 2015. والسخرية هي أنهم صلوا من أجل “محرقة إسلامية” في حين إن الدول الأوروبية وأمريكا ضمنت بالفعل مثل هذه المحرقة في سوريا عندما تدخلوا لدعم قبضة الأسد على السلطة من خلال منع الثوار في سوريا من الحصول على أسلحة للدفاع عن أنفسهم ضد مجزرة الأسد، والآن يُعتبر هؤلاء، ضحايا التدخل الغربي في سوريا، تهديدا للبلدان التي أجبروا على الفرار إليها. القومية هي رابطة أولية وبدائية بحيث إن الإنصاف والعقلانية لن تزدهرا بمجرد أن تصبح دعوات “الدم النقي” و”المحرقة” واسعة الانتشار.
وبما أن المتظاهرين يمثلون الحمّى القومية المتزايدة في بولندا، فإنهم يمثلون أيضا الوطنية. قام جاروسلاو كاتشينسكي، زعيم حزب العدالة والقانون البولندي، الذي ينتمي إليه كل من رئيس ورئيس وزراء بولندا، بإحياء دعوة حزبه في يوم مسيرة الاستقلال لألمانيا لدفع ثمن الدمار والموت الناجم عن احتلالها لبولندا في الحرب العالمية الثانية: “تم الدفع للفرنسيين، والدفع لليهود، ودفع لدول أخرى كثيرة عن الخسائر التي عانوا منها خلال الحرب العالمية الثانية”. وقال كاثينسكي ببلاغة: “لا يتعلق الأمر بالأموال المادية فحسب. بل هو عن مكانتنا، شرفنا… وهذا ليس مسرحا. هذا مطلبنا، مطلب شديد الجدية”.
وتُغذّى قومية كاتشينسكي أيضا بنفس الشعارات المناهضة للهجرة التي تمكِّن الأحزاب اليمينية الأخرى في جميع أنحاء أوروبا، فقد رحب قادة اليمين المتطرف من البلدان الأخرى بالمسيرة. وقال وزير الداخلية البولندي ماريوس باشكزاك، وهو عضو في الحكومة اليمينية، عن اللافتات “لقد كان هذا المشهد جميلا… نحن فخورون بأن العديد من البولنديين قرروا المشاركة في الاحتفال بإجازة عيد الاستقلال”.
كاتشينسكي يحمل النظرة الأوروبية التي تعتقد أن الدولة القومية “هي المؤسسة الوحيدة القادرة على ضمان الديمقراطية والحرية”، وقال موضحا للصحفيين الأوروبيين “من يهاجمنا لن يفوز. بولندا ستبقى بولندية”، وقام بصب الشك على الاتحاد الأوروبي بقوله: “السؤال هو إذا كان الاتحاد في شكله الحالي قادراً على البقاء مع هذه البيروقراطية الفظيعة والمؤسسية التي تقوض الدولة القومية”. إن شكوكه حول الاتحاد الأوروبي صحيحة، ولكن إذا كنت تتفق معه على أن الدولة القومية يمكن أن “تضمن الديمقراطية والحرية” فإن ذلك سيعتمد على أي طرف للبندقية تتطلع إليه عند الدعوة لـ”الدم النقي” و”أوروبا البيضاء” و”المحرقة” للمسلمين التي لا تزال تسيطر على أجندات وطنية في أوروبا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عبد الله روبين