Take a fresh look at your lifestyle.

نظرة فاحصة على تقدم الدولة اللادينية (مترجم)

 

نظرة فاحصة على تقدم الدولة اللادينية

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

فوجئت إندونيسيا في الأسابيع القليلة الماضية بالقرار الذي اتخذته مسلمة مشهورة بخلع حجابها. وأعربت بالقول إنها فعلت هذا لأنها وجدت فضائل كثيرة غير الإسلام من خلال زياراتها لبعض الدول من أجل البرامج التليفزيونية التي تديرها. وقبل ثلاثة أشهر من خلعها للحجاب، عبرت في حسابها على الإنستغرام عن إعجابها باليابان. وبعد زيارتها لليابان التي استمرت يومين خلصت إلى أن المجتمع الياباني ملتزم بشدة بالفضائل والأخلاق والانضباط من غير وجود اعتقاد بدين سماوي محدد. وأنهت ملاحظاتها بسؤال: إذا كانت حياتك جيدة كما هي بدون دين، فلماذا إذن تسعى لله وتريد أن يكون لك دين؟

 

التعليق:

 

في الوقت الحاضر العديد من المسلمين مفتونون بالحضارة الغربية بما فيها اليابان كونها دولة شرقية رأسمالية متقدمة. فالتقدم المادي الذي حققته بعض البلدان أبهر العديد من المسلمين بمن فيهم هذه المشهورة. حيث خلصت إلى أنه إذا كان لدينا الكثير من الخير في الحياة، فلماذا نعتنق دينا؟ الاستنتاج المتسرع هذا جاء بعد زيارة قصيرة لليابان استمرت يومين فقط، وهو استنتاج خرج بالفعل من عقلية دونية بسبب أزمة الهوية!

 

في الواقع، إن المشكلة هي العقلية الدونية وأزمة الهوية التي يوقدها أعداء للإسلام. فضلا عن انشغالهم بنشر الإسلاموفوبيا ليشعر المسلمون بالحرج وعدم الراحة والأمان من دينهم ولتتخلى المسلمات عن الحجاب، فينتهي الحال بهم لتقديس وعبادة نظام الحياة العلماني الليبرالي. إن الحضارة اللادينية التي هي في الواقع دخيلة، ما زالت تقدَّر وتحترَم من بعض المسلمين، مع أن اليابان استعمرت هذا البلد وانتهكت سيادته ونهبت ثرواته ودنست شرف المرأة فيه.

 

قد يكون مقال نشر في الإندبندنت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي مثالا لتسليط الضوء على هذه الدولة اللادينية. وكان عنوان المقال “ثماني علامات تشير إلى أن اليابان أصبحت “قنبلة ديموغرافية موقوتة””، حيث أشار إلى وجود مشكلة مزمنة في حضارة اليابان، وهي الانقراض. وخلال السنوات الخمس الماضية تم البحث في قضية القنبلة الديموغرافية الموقوتة في اليابان من قبل العديد من وسائط الإعلام الدولية. ووجد بأن التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه اليابان يترافق مع مشاكل مجتمعية، وانهيار الأسر وارتفاع عدد حالات الانتحار وانخفاض عدد المواليد والزواج بسبب المشاركة الكبيرة للمرأة كقوة عاملة. إن التقدم والحداثة اللذين وفرتهما الرأسمالية أديا إلى التدفق الهائل نحو فقدان الإنسانية، فالرأسمالية تجعل مجتمعاتها مهتمة بإشباع الرغبات الجسدية والملذات المادية وتتجاهل الإنسانية والقرابة والحفاظ على الجنس البشري.

 

لذلك، ماذا يعني التقدم العلمي والتكنولوجي والتقدم في البنية التحتية إذا انقرض الناس؟ ماذا يعني كل ذلك إذا فقدت؟ ماذا يعني كل هذا إذا اختفت البشرية؟ وهل صحيح أن التطور المادي يجعل الإنسان عبدا لهذا التطور التكنولوجي؟ إن هذا هو أساس الفشل في الحضارة العلمانية التي تقدم الوصفات المسمومة لبلاد المسلمين. يقال ذلك لأنه في خضم وفرة العلم ووسط التقدم التكنولوجي الكبير، فإن هناك الكثير من الناس الذين يفشلون في تنظيم حياتهم الخاصة ويفشلون في بناء الحضارة…

 

الواقع أن العالم الإسلامي يتململ لينهض من التراجع والتخلف بالإضافة إلى العديد من المشاكل الداخلية والتحديات التي تقف أمام صحوته. إن المسلم بحاجة إلى أخذ الدروس من أي شعب. ولكنه مع ذلك يجب أن يكون لديه مصفاة وهوية وشخصيتهم كمسلمين فضلا عن الالتزام القوي بدراسة أحكام الإسلام بدلا من هجرهم للإسلام واهتمامهم بدراسة الغرب اليائسة. وللأسف فإن دراسة القرآن والسنة لم تكن بجدية مثلما هي دراسة العلم من الغرب. وبالتالي لا عجب إذا أصبحوا أقل شأنا من غيرهم بسبب فهمهم السطحي للإسلام الذي هو دينهم. بل إنهم أيضا يشعرون بأن الإسلام يهددهم تماما مثل الأنظمة الغربية التي تحاول قمع الدعوة الإسلامية، واصفين حملة الدعوة بـ(المتطرفين) و(الإرهابيين) و(المتشددين). حتى وصفة (التطرف) نسخوها عن الغرب باعتبارها حلا غربيا للقضاء على أي تهديد للوطنية، اتباعا لنماذجهم من الغرب.

 

تذكروا أقوال العلماء: إن تراجع المسلمين هو بسبب تخليهم عن دينهم، في حين إن تقدُّم الغرب هو بسبب تركهم لدينهم. في الواقع، إن الإسلام يملك جميع الحلول والآمال لإعادة الحضارة، وشريعته الخالدة هي نعمة لهذا الكون، وحملة دعوته هم الذين يكرسون حياتهم في دراسة القرآن والذين يكافحون لإيجاد المُثُل العليا لأمة محمد r لتعود نموذجا تحتذي به البشرية جمعاء. إن عودة نظام الإسلام سيكون الدرع والعلاج الوحيد لوباء أزمة الهوية التي اجتاحت الشباب المسلم في جميع أنحاء العالم. حيث يقول الرسول r: «الإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» (رواه الدارقطني).

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فيكا قمارة

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير