أنزل الله الإسلام ليَحكم، لا ليُحكم
أنزل الله الإسلام ليَحكم، لا ليُحكم
(مترجم)
الخبر:
قد يبدو كيان يهود والسعودية حلفاء غير محتملين في السياسة الإقليمية ولكن التطورات الأخيرة دفعت الرياض وتل أبيب إلى التقارب معا، ما مهد الطريق أمام الرفاق الأغرب في الشرق الأوسط.
وقال محللون بأن العلاقات السرية بين كيان يهود والسعودية، القائمة على أساس التحالف ضد “التهديد المشترك” لإيران، هي جزء من نموذج إقليمي جديد.
وقد رحب أحد وزراء كيان يهود اليوم الاثنين بتصريحات مفتي السعودية الذي اعتبر فيها بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس منظمة (إرهابية).
“نحن نهنئ عبد العزيز آل الشيخ المفتي الأكبر في السعودية، فضلا عن رئيس العلماء على فتواه التي تحرم القتال ضد اليهود وتحرم قتلهم”، هذا ما كتبه الوزير أيوب قره وزير الاتصالات في كيان يهود على حسابه الرسمي على تويتر. وأضاف “أدعو المفتي لزيارة (إسرائيل)، سيكون الترحيب على مستوى عال من الاحترام”.
التعليق:
مثل هكذا أحداث ليست بالأمر الجديد. فخلال القرن الماضي سقطت العديد من الأقنعة، الواحد تلو الآخر ليكشف الطبيعة الحقيقية لهذه النخب الحاكمة الفاسدة وسياساتها الكاذبة على الشعب.
ولنأخذ على سبيل المثال الدعوة الأخيرة إلى “العصرنة (اقرأ: مزيد من العلمانية)” بدعوى من “قيِّمي” الأماكن المقدسة الإسلامية من أجل تلبية مطالب واشنطن، لا استجابة لأوامر الله سبحانه. أو اقتراح التعاون المالي والعسكري مع كيان يهود لمواجهة العدو “المشترك” في حين إن هذا الحليف “الجديد” يحتل فلسطين. أو الهجوم العسكري الوحشي على المسلمين في اليمن بأمر من أمريكا في حين يقفون مكتوفي الأيدي أمام ذبح المسلمين في سوريا…
أو الدعوة إلى مزيد من القبول بالعلمانية من قبل أردوغان وذلك من خلال تنظيم رحلات على ميزانية الدولة لتسهيل الاحتفالات أمام تماثيل مصطفى كمال الذي دمر الخلافة بالتعاون مع البريطانيين. أو إعلانه عن الصداقة والعلاقات الوثيقة مع الرئيس الروسي القاتل فلاديمير بوتين الذي يقصف المسلمين في سوريا. أو علاقته الدافئة الحسنة مع كيان يهود الذي يضطهد المسلمين ويقتلهم على مدى السنوات السبعين الماضية ويحتل ثالث الأماكن المقدسة في الإسلام.
أو خيانة هاتين الدولتين لسوريا من خلال تنفيذ الخطة الأمريكية التي تتناقض ومصلحة المسلمين المعارضين للنظام السوري وذلك من خلال تمييع وتوجيه المعارضة نحو سوريا العلمانية التابعة لأمريكا عوضا عن إقامة دولة إسلامية همها مصالح الإسلام والمسلمين.
هذه وغيرها من القوائم الكثيرة التي تظهر حجم المكر والخداع الكبير الذي يتكشف يوميا كما أنه يكشف عن نفسه للأمة التي تتابع هذه الأحداث. ولكن لم يحدث أي تغيير حقيقي مرضٍ حتى الآن. وما زلنا على الحالة القديمة ذاتها، بل إن الوضع في بعض الحالات أكثر سوءاً من ذي قبل. إذن، كم عدد الأقنعة التي ينبغي أن تسقط من أجل كسر أغلال “الثقة” وفهم أن ما يجري هو خداع وتضليل؟
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو “ما هو تأثير هذا النوع من الأحداث على المسلمين؟”
ما من شك في أن المصائب الكبيرة والهزات التي تتمثل في حكام وخطط ومؤامرات خادعة ضد الإسلام والأمة لن تمر دون أن يلاحظها أحد. وستصبح أمرا واقعا معترفا به، يُحفز ويشجع المسلمين على التفكير في مأزقهم الذي يعيشونه وهذا ما سيدفعهم للبحث عن حلول. ومع ذلك، ينبغي لنا أن ندرك أيضا بأن متابعة هذه الحقائق عن كثب والاعتراف بها لا يكفيان وحدهما لإحداث التغيير، ولا عن طريق التفاعل والتجاوب معها.
وحتى لو وقعت مئات الآلاف من المصائب، وسقطت جميع الأقنعة، فإنها لن تكون كافية لتحقيق التغيير المنشود. وسوف تظهر فقط الحقيقة الفظيعة، والوجوه الحقيقية للقادة وسياساتهم الكاذبة والحاجة إلى التغيير. إلا إذا كانت الأمة تنظر بالطبع إلى الوضع الأليم نظرة أيديولوجية ثاقبة قريبة من الكمال.
إن الحقائق، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية، تجب مراعاتها وربطها مع وجهة النظر الإسلامية للحياة من أجل تشكيل الواقع وفقا لذلك. وإلا فإنها ستضيع في هذا الموقف محاولة إيجاد حل ولن تكون قادرة على رفع ظهرها.
ولإعطاء مثال بسيط: تستخدم مفاهيم الصداقة والتحالف والعداوة من قبل الدول لتشكيل علاقتها مع الدول الأخرى. وهم يستخدمون هذه المصطلحات وفقا لرغباتهم ونشر فهمهم كي يعتمده الناس.
ومع ذلك، فإن هذه المفاهيم ليست مفاهيم غامضة في الإسلام، بل على العكس من ذلك فهي واضحة تماما في معناها، وشروطها المسبقة والآثار المترتبة عليها. وبناء على ذلك، لا يمكن أبدا أن تعتبر الدول الكافرة المعادية للإسلام والمسلمين كالولايات المتحدة وروسيا أو كيان يهود “دولا صديقة”، وذلك بسبب اعتدائهم واحتلالهم للبلاد الإسلامية. والواجب اعتبار هذه الدول دولا معادية. كما يجب رفض أي دعوة للمصالحة والصداقة معهم. هذه هي الأحكام المتعلقة بهذه المفاهيم. والواجب على المسلمين أيضا أن يأخذوا هذا مرجعا ومصدرا وحيدا فيما يتعلق بهذه الأنواع من المواقف.
وعندما يدعو حكام في العالم الإسلامي هذه الدول بالدول الصديقة، فإنه يستخدم مرجعا ومصدرا غير الإسلام. وعندما يخدع الناس ويوافقون على قراره فإنهم سيجادلون ويقولون بأن هذه مجرد “سياسة” أو “براغماتية” أو “مصلحة”. وهذا يعني بأن الناس يتخذون مرجعا ومصدرا غير الإسلام. وطالما أننا لا نغير مراجعنا ومصادرنا لفهم الحقائق المحيطة بنا، وذلك من خلال ربطها بالإسلام فسنخدع بشكل دائم.
لذلك، ينبغي اعتبار هذه الدول دولا معادية تهدف إلى تقويض البلاد الإسلامية واستغلالها وإضعافها. إن العمل معهم من أجل تحقيق أية فائدة ليس محرما فحسب من وجهة نظر الشرع، لكنه فوق ذلك وهم وخيال من شأنه أن يقود المسلمين إلى فخ شبكة العنكبوت.
هذه الأمثلة من المفاهيم المتعلقة بالصداقة والتحالف والعداء ليست سوى بضعة آلاف من المفاهيم. كل هذه المفاهيم يجب أن تؤخذ من مصدر واحد وهذا المصدر هو وجهة نظرنا الإسلامية للحياة. كما يجب أن تربط كل الحقائق والحالات بوجهة النظر هذه من أجل إعطاء معنى لها وتشكيلها وفقا للإسلام.
إذا ما أحلنا وربطنا جميع شؤوننا بمصادر الإسلام، فإننا عندها فقط سنكون أقوياء سافرين ثاقبي الرؤية. ولا يمكن أبدا أن نُضلَّل من قبل بعض الفاسدين والأفكار المغلوطة. وعوضا عن ذلك سيكون لدينا بديل وحل أيديولوجي سيتحدى الأفكار المهيمنة، والمفاهيم، والمعتقدات والأنظمة إلى أن نغيرها جذريا.
وخلاصة القول: جاء الإسلام لتغيير العالم وساكنيه والتأثير فيهم. ولم يأت ليتم تغييره والتأثير فيه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا