تعددت المسميات والهدف واحد
انطلق ما يسمى “المؤتمر التأسيسي للحركة السياسية النسوية السورية”، حيث عقد المؤتمر على مخرجات باريس 22-24 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وقد حدد المؤتمر عددا من المبادئ والأهداف وخطة لعمل الحركة. وقال بيان صادر عن المؤتمر، “إن الحركة تهدف إلى بناء دولة ديمقراطية تعددية قائمة على أسس المواطنة المتساوية، دون تمييز بين مواطنيها وإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالاستناد إلى جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأوضح البيان “نحن سياسيات نسويات سوريات ناضلن ضد نظام الاستبداد، وطالبن بالحرية والعدالة والكرامة لكل مواطن في سوريا، ودافعن عن حقوق النساء في بلادهن، من خلفيات فكرية وسياسية وفئات متنوعة من المجتمع السوري”.
وأضاف البيان “نحن حركة جامعة لسوريات بمختلف الخبرات والتجارب، تعبر عن مطالب كل السوريات والسوريين المؤمنين بنفس المبادئ وبحقوق المرأة والمساواة الجندرية، وأهمية تمكين المرأة ومشاركتها الفاعلة في جميع مناحي الحياة وجبهات صنع القرار باتجاه سوريا المستقبل”. وعرض البيان المبادئ التي تعتنقها الحركة السياسية النسوية…
إن هذا النموذج من الثقافة الغربية نحو المرأة المسلمة ولد حركات سياسية عارمة، ضمن تداعيات مختلفة تبدأ بالحركات العامة، ومساحات للتعبير التي ولدتها هذه الثورات بعد عقود طويلة من الأنظمة المتسلطة والتي تنتهي بوضع النساء تحت حركات عشوائية تحمل في طياتها خبث الغرب ومكره للمسلمات العفيفات، ومن المؤسف أن نرى هذه الصور المكررة للمرأة والتي تزعم حمايتها من الانتهاكات ومشاركتها بالسياسة التي تتكفل بها تشريعات، ودساتير الغرب الكافر، بدلاً من وضعها بالمكان الذي يليق بها كامرأة مسلمة ناهضة واعية مدركة لما يحاك من حولها.
ومن هذا المنطلق فإن النظر في الحراك النسائي الوليد في سوريا الآن والذي خرج من رحم الثورة السورية والتحديات التي واجهتها المرأة، يجب أن يخلق عندها وعياً ودراية تامة على ألاعيب الغرب والذي يهدف إلى هدم الأسرة المسلمة لتقف هذه المرأة نداً للرجل في المعارضة.
على ما يبدو فإن الغرب نجح في تشكيل هيكل هذه الحركة، ليس لضعف النساء، ولكن لأنه يعلم تماما مدى قوة المرأة المسلمة عامة والسورية خاصة وعلم مدى صبرهن وتحملهن على ما مر عليهن خلال ست سنوات من القهر والظلم والاستبداد، فهي كالجبل الصامد الذي لا تؤثر عليه كل مصاعب الحياة.
لقد كرم الله سبحانه وتعالى المرأة في الإسلام، وأنزلها منزلةً رفيعةً تليق بها، وحرّرها من قيود الظلم والقهر، فلم تعد مقهورة مضطهدة كما في الجاهلية الأولى، وهي ليست سلعة رخيصة ولا مطية تتسلق فوقها وباسمها أفكار الديمقراطية الرأسمالية الغربية العفنة وروادها. ولم يكن هذا التكريم فيما خصّها بأنها أمٌّ وربةُ بيتٍ وعرضٌ يجب أن يصان فحسب، بل جعل لها أدوارا في الحياة من خلال أحكام شرعية خاطب بها المرأة والرجل على السواء.
أيتها النساء المسلمات! إن الإسلام منهج رباني جعل لك مكاناً بجانب الرجل وليس أمامه، في كل المجالات، ولم يحرمك من الدور السياسي؛ فلك مثل الرجل من الحقوق ويفرض عليك مثل ما يفرض عليه من الواجبات إلا ما خصك الإسلام به أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية. فالتاريخ الإسلامي مليء بالأمثلة عن النساء اللاتي مارسن رعاية شؤون الأمة فقد كان للمرأة منذ فجر الإسلام النصيب الوافر في ذلك، فقد حملت النساء الدعوة إلى الإسلام في مكة ضمن كتلة الرسول e وصحابتِه، بل إنهنّ تحمَّلن في سبيل حمل الدعوة أشد أنواع العذاب والتنكيل من كفار مكة ومن ذلك مواقف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها المؤازرة للرسول e من أول بعثته، وسمية أول شهيدة في الإسلام والمرأتين اللتين بايعتا رسول الله e في فجر الإسلام وغيرهما من الصحابيات الجليلات، هي مواقف مضيئة في تاريخ الإسلام. وهكذا ضربت الصحابيات مثلاً سامياً في التضحية والصبر على الأذى، ثم كانت الهجرة إلى الحبشة ثم الهجرة من مكة إلى المدينة، وما تعرضت له المرأة المسلمة من ترك الأوطان والغربة والحياة القاسية والمعاناة الشديدة، ودورها في بناء الدولة الإسلامية في المدينة، والسيرة مليئةٌ بنماذجَ مضيئةٍ للمهاجرات مثل أسماء بنت أبي بكر وأم سلمة وأم أيمن وغيرهنّ رضي الله عنهن.
إنها دعوة لك أختي المسلمة أن تقومي بدورك في حمل الدّعوة وتتحمّلي مسؤوليتك تجاه ما يحصل في بلاد المسلمين، ولكن لا تنجرّي وتقبلي بحكم غير حكم الله تعالى، ولا تنضوي تحت مفرزات الديمقراطية والعلمانية المنبثقتين عن المبدأ الرأسمالي الوضعي، وتتخلي عن مبدأ الإسلام المنهج المرتبط بالوحي.
إن أي تكتل لا يحمل صبغة العقيدة الإسلامية كمبدأ له يكون تابعا لتنفيذ مخططات غربية.
ولعلم الغرب بدور المرأة المسلمة في صناعة النهضة الفكرية وإحداث التغيير المنشود باستئناف الحياة الإسلامية يسعى جاهدا ليدخلك جحر الضب وراء المرأة الغربية.
لذلك أدعوك إلى لفظ كل تلك المحاولات، والالتحاق بمواكب العاملات للنهوض بالأمة وتحكيم شرع الله في الأرض ونيل السعادة في الدنيا والآخرة بنيل رضوان الله تعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
دارين الشنطي