إقامة الدولة في ظل قانون السببية
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
(الجزء الخامس عشر: سنة قيام الدول في التاريخ جرت على هذا نفسه!)
للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا
استقرأنا في هذا البحث السنة التي أقام بها المصطفى عليه الصلاة والسلام دولة الإسلام في المدينة، فوجدناها على نفس هذه السنة، واستغرقت العملية التغييرية 13 سنة.
وباستقراء نشوء الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية نجد إقامة العباسيين للحزب السياسي الفاعل الذي نشط في خراسان وأقام الرأي العام حول فكرة الرايات السود، والإمام، وأحقية بيت النبوة بالخلافة، وأخذ بأسباب القوة في خراسان حتى استتبت له فبدأ بالثورة منها وأقام الدولة في الكوفة!
ومن ثم فإنه باستقراء نشوء الدولة الفرنسية بعد إسقاط النظام الملكي، نجد أن ما يسمى عصر النهضة رافقه قيام حركة فكرية روجت للأفكار التنويرية القائمة على مبادئ معينة نشرت بين الناس مثل الحرية والإخاء والمساواة، وحقوق الإنسان والليبرالية والعلمانية بديلا للنصرانية، وجرى تبني هذه الأفكار وقامت الثورة الفرنسية بناء عليها، واستغلت مطالب الطبقات الوسطى والفقيرة في المجتمع لحشدها، وإحقاق بعض الحقوق لطبقة العمال، ونجحت في هدم كيان وإقامة آخر محله! فمحور العملية التغييرية كان إحلال نظام قائم على مفاهيم معينة علمانية محل مفاهيم قديمة، وحشد الرأي العام حولها، والاستقواء بالطبقات المسحوقة في المجتمع لبلوغ القوة اللازمة لفرض التغيير، واستمرت العملية التغييرية حوالي عشر سنوات من الثورة.
وها هي الأحزاب السياسية الرئيسية في العالم حين تريد الوصول لسدة الحكم وأخذه، فإنها تطرح برامجها الفكرية ووجهة نظرها على المجتمع، فيجري اختيارها بما تحوزه وتؤثر فيه من الرأي العام الذي تراوده على طريقة رعاية مصالحه وفق أنظمة معينة يتقبلها.