إقامة الدولة في ظل قانون السببية – ج18 – توافق طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام في التغيير مع السنن المجتمعية
إقامة الدولة في ظل قانون السببية
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
(الجزء الثامن عشر: توافق طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام في التغيير مع السنن المجتمعية)
للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا
غني عن القول بأن منهجية الرسول عليه الصلاة والسلام في التغيير علاوة على توافقها مع السنن الإلهية في التغيير (أي التزام الحكم الشرعي والثبات عليه، والنجاح في الصبر على الابتلاءات الشديدة، وحسن الثقة بموعود الله)، مما يفضي إلى تنزل نصر الله، فإنها أيضا تتوافق مع السنن الكونية في التغيير، أي أنها تتعامل مع واقع المجتمع والدولة والإنسان تعاملا يأخذ بعين الاعتبار العناصر المكونة للمجتمع، وللدولة، ومقومات الإنسان.
ويلج إلى عملية التغيير هذه عبر استغلال كل عنصر من هذه العناصر والمقومات بالشكل الذي يفضي إلى إحداث التغيير، فيتقصد مواطن القوة المادية والمعنوية، ويستثمرها، ويتقصد أسس النظام الفاسد فيهدمه، ويضع البديل موضعه، وكل هذا كما سبق وبيناه بالتفصيل في فصول هذا الكتاب (التثقيف المركز والجماعي، والصراع الفكري، والكفاح السياسي، والكشف، وتبني مصالح الأمة، وصناعة الرأي العام، وصهر الأمة مع عقيدتها، وأخذ قيادتها، وكشف مخططات العدو، وطلب النصرة من قادة الكيان المجتمعي، وطلب النصرة من قادة الكيان التنفيذي، وإعداد الأنظمة والدستور… الخ، بكل التفاصيل التي بيناها سابقا).
لذلك فحين قفزت الثورات العربية عن سنة التغيير هذه، ولم تأخذها بعين الاعتبار نتجت الحروب الأهلية، وسادت الفوضى.
وحين قفزت حركة النهضة في تونس مثلا إلى سدة الحكم تفاجأت بأنها لم تعد للأمر عدته، وأنها غير قادرة على نقل المجتمع والدولة النقلة الصحيحة نحو التغيير المرجو، فنكصت على عقبيها، ومشت في عرى النظام القديم وأضحت جزءا منه بدلا من تغييره.
وهكذا، فإن سر النجاح في إحداث التغيير المرجو هو حسن التعامل مع السنن الكونية والسنن الإلهية في عملية التغيير والتي بينها الكتاب والسنة النبوية المشرفة، والتي بدورنا في حزب التحرير قمنا باستنباطها والتعامل معها كما بيناه في هذا الكتاب وفصلناه.
لذلك فلا بد للأمة أن تأخذ عملية التغيير والمواجهة مع الكفار مأخذ الجد فتستوفي الإعداد والأسباب حقها.
لذلك كان لزاما أن نستعرض أولا:
ما هي مواطن القوة في الأمة والتي ينبغي معرفتها، ثم معرفة كيفية استثمارها لتنتصر بها الأمة في هذه المواجهة المصيرية مع الغرب والشرق اللذين يرفضان نهضة الأمة وقيام دولتها؟
لنستعرض هذه الأمور: