Take a fresh look at your lifestyle.

يذهب المرء للملح إذا الطعام فسد

 

يذهب المرء للملح إذا الطعام فسد

 

ماذا بقي لهؤلاء الحكام العرب الخونة، الذين باعوا أنفسهم وبلدانهم وتاجروا بدينهم للعدو المستعمر؟ وماذا بقي من ماء وجوههم، بعد أن تواطؤوا مع الأعداء وقصفوا ودمروا وشردوا وظلموا، من أجل تكميم أفواه شعوبهم، وقمعوهم من أجل إرضاء أسيادهم المستكبرين المستعمرين؟ وهل بقي لهذه الشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها أن تقبل بهذه الأنظمة الفاجرة الخائنة التي “حكامها من النعاج”، أو أن تستكين لها ولمؤامراتها ودسائسها ضد شعوبها المظلومة؟

 

حين يتقدم حكامنا في السن يصر كل منهم على البقاء رئيساً مدى الحياة، ويعيدون صياغة الدستور لجعل ذلك ممكناً، ويبدو الأمر وكأنهم يتمسكون باعتقاد خرافي، بأنهم ما داموا في السلطة، فلن يتمكن حتى الموت من إزاحتهم! وحين تتزايد أخطاء الشخصيات النرجسية، ويرفضون الاعتراف بها، يتعرضون للهجوم الشعبي والثورة عليهم، فيصابون بهستيريا، ويسعون إلى قلب الطاولة على مهاجميهم، وهم غالباً يلجؤون إلى نظريات المؤامرة، وهذا ما حصل في جميع الانتفاضات الشعبية التي وقعت في الدول العربية، ضد الأنظمة الحاكمة، فيقوم هؤلاء الخونة الطغاة المتسلطون بتحويل جيوشهم وأجهزتهم الأمنية – والمفروض فيها أنها للدفاع عن البلاد الإسلامية – إلى أداة وحشية بربرية همجية إجرامية إرهابية بلطجية قذرة لقمع شعوبهم الطيبة المقهورة المغلوبة على أمرها، ويزيفون إرادتها السياسية في الاستفتاءات والانتخابات، مما حوّلها إلى شعوب ضعيفة خائفة… فكيف ترضى هذه الشعوب بهذا الفساد والإفساد؟ كيف؟

 

لقد كان الرسول ﷺ واضحاً تماماً في منطلق دعوته، حاكما مخلصا واعيا لكل ما يخططه الكافر للإسلام مدركا أن خضوع البشر لغير سلطان الله شرك، وأن التغيير الأساسي الذي ينبغي أن يتم في العالم هو نقل البشر من خضوع بعضهم لبعض إلى خضوع الكل لله الواحد الأحد. فجاءنا بمنهاج من عند الله تعالى؛ وعلمنا أن العمل السياسي الإسلامي عمل مثالي لا نجد فيه موقفاً متناقضا متنافرا، كله ضمن نصوص ومنهج منتظم قويم، فيريدون أن يغيروا ويبدلوا الثرى بالثريا! ماذا تريدون أن نقول؟ ماذا تريدون منا؟ أنستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ “لا إله إلا الله” بماذا نغيرها؟ و﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ بماذا نغيرها؟ ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ بماذا نستبدلها؟ ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ بماذا نغيرها؟…

 

ما من زعيم سياسي إلا وقد عاث في الأرض الفساد وتكلل بالطمع والجشع، وضعونا في صراعات جمة، برمجونا وقسمونا إلى أقسام وأدخلونا في صراعات بين قوى إقليمية ودولية، وصراعات داخلية على الحكم من أجل إقامة الديمقراطية البائسة، الديمقراطية التي زرعوها في دساتيرنا ودمروا كل شيء.

 

مهما تعددت أقوالهم وتعاريفهم ودساتيرهم في العالم الإسلامي فلن يستطيعوا أن يغطوا أعيننا عن حقيقة هذا الصراع والذي هو واحد لا غير؛ هو صراع مع الإسلام لإزالته واجتثاثه، صراع عقائدي فقط.

 

فأمة الإسلام تعاني اليوم مزيجاً مركباً من الأزمات الأهلية والفكرية والطائفية والمذهبية والاقتصادية والاجتماعية، ولا حل لدينا إلا بدولة الإسلام التي يحكمها خليفة عادل، قائد يحكم بما أنزل الله ويسير على خطا رسولنا الكريم عليه صلوات الله وسلامه، فقد ساس الرسول ﷺ الناس بالإسلام ولم ينزل بالإسلام إلى أهواء الناس، بل رفع الناس إلى مستواه على وتيرة واحدة ونسق واحد في الفكر والعمل، وهذا ما يجعل البشرية تتخذه قدوة وأسوة حسنة في جميع مجالات الحياة، دين يتميز بالشمولية وهذا ما جعلنا نتلمس صفات القائد الناجح من خلال سيرته ﷺ؛ لأنه كان نعم القائد، ولأن البشرية لم تعرف قائدا مثله بشهادة المسلمين وغير المسلمين؛ طريقته في الحياة، أسلوبه في النجاح، كيف نجح في الدنيا، كيف رسم لنا الهدف، وغدا القائد اللامع والمشرع العظيم بنشره لتشريع الله عز وجل، ليس لمصلحته الشخصية، ولكن من أجل قضية دينه…

 

فإلى كل ثائر ومخلص لدينه، لن ينفعنا إلا تأسينا برسول الله ﷺ في إقامة الدولة، ولن ينفعنا الدعم الكاذب فلن تجد من يدعمك وأنت تنقض غزلهم ونظامهم، فكونوا ملح هذه الأمة الذي يصلح ما أفسده الحكام باجتثاثهم وأنظمتهم، فكل مرة كان الإسلام محمولاً حق الحمل كان أصحابه هم الغالبين وحضارته أرقى الحضارات، وما ذلّ المسلمون إلا من تقصيرهم وتفريطهم وجهلهم بالإسلام.

 

فهل عرفتم إلى أين يذهب المرء إذا فسد الطعام؟

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

دارين الشنطي