النساء في قعر الهرم الاقتصادي
والفقراء مسحوقون تحت عجلة الرأسمالية
يرتكز النظام الرأسمالي، الذي استمد اسمه من رأس المال، كقيمة عليا يُسعى لإشباعها. اقتصادياً، على مفاهيم الندرة النسبية، الثمن والقيمة التي بحثتها الكثير من النظريات واختلف فيها منظرو المبدأ الرأسمالي أمثال آدم سميث وريكاردو وماركس. الذين قالوا إن المشكلة الاقتصادية تتمثل في تنوع حاجات الإنسان وازديادها مقابل قلة الموارد والسلع التي تُشبعها. فكانت حلولهم وأطروحاتهم تنادي بحرية السوق وجعل الثمن هو المتحكم في توزيع هذه الموارد القليلة على الكثرة المتطلبة. فما الذي حدث؟
العالم اليوم “بفضل” المبدأ الرأسمالي يعيش جميع أنواع التطور الصناعي، في خضم فيضان هائل من المنتجات في شتى أنواع المجالات بدءاً بالأغذية والملبوسات إلى الأقمار الصناعية والطائرات.
وبالمقابل يعيش ملايين البشر جميع أنواع القهر والذل من الجوع والعطش والفقر والتشرد. حتى صار العيش في العشش في مصر والبحث عن الطعام في حاويات القمامة في اليمن، والموت جوعاً في سوريا أو إفريقيا أمراً عادياً لكثرة ما تكرر!!
الموارد التي قيل إنَّها قليلة تكفي لزيادة ثروة الأثرياء ممن تزيد ثرواتهم عن مليار دولار، بوتيرة ملياردير جديد كل يومين. لكنَّها لا تكفي لإشباع الفقراء الذين يطلبون رغيف خبز أو غرفة تؤويهم من برد الشتاء وحر الصيف.
فبحسب تقرير “أوكسفام” الذي صدر يوم الاثنين 2018/1/22، فإن “3,7 مليار نسمة أي 50% من سكان العالم، لم يستفيدوا من النمو العالمي العام الماضي، فيما نسبة الـ1% الأكثر ثراء جنت 82%” من ثروات العالم.
إذاً فإن المشكلة ليست في قلة الثروات حسب ما نرى!…
هكذا يعيش العالم في ظل الرأسمالية التي قامت على شعارات الحريات والمساواة. فإذ بالحريات تعني حرية الأغنياء في نهب مال الفقراء، حريَّة أصحاب المال في استعباد غيرهم وسحق المكلومين.
وشعارات المساواة تجلَّت في أنَّ النساء يقبعن في قعر الهرم الاقتصادي حسب التقرير السابق. حيث يعانين فوق ما تعانيه الأغلبية من فقر وضنك، من عدم المساواة في الأجور. حيث ذكر التقرير: “في العالم كله، النساء تجني أقل من الرجال وكثيرا ما يشغلن وظائف بأدنى الأجور والتي تعتبر الأقل استقراراً”.
في عام 1820م بعث ريكاردو إلى مالتوس خطاباً جاء فيه: “إن الاقتصاد السياسي كما ترى بحث في طبيعة الثروة وأسبابها، ولكنه فيما أرى، بحث في القوانين التي تعالج توزيع ناتج الصناعة بين الطبقات التي تسهم في تكوينه، إننا لا يمكن أن نصل إلى قانون صحيح يحكم حجم الثروة، ولكن يمكن أن نصل إلى قانون صحيح يحكم توزيعها. ولقد ازددتُ اقتناعاً يوماً بعد يوم بأن البحث الأول عبث ووهم، وأن البحث الثاني هو وحده الموضوع الحقيقي لعلم الاقتصاد”. بهذه الكلمات تظهر لنا حقيقة الحضارة التي تسوس البشرية اليوم، فبين آراء المفكرين وأطروحاتهم ضاعت البشرية. وكانت أقوات الناس وأرزاقهم وقفاً على تشريعات بشرية تتخبط لتهتدي إلى أساس المشكلة الاقتصادية. فهل هناك ضياع بعد هذا الضياع؟ وكيف تُستأمن حضارة كهذه على البشرية كلِّها؟!
إن هذه الأرقام والتقارير يجب أن تكون حافزاً لأهل الحق لأن تتكاتف جهودهم لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تطبق أحكام الإسلام ومعالجاته منقطعة النظير في مجال الاقتصاد وشؤون البشر جميعها. فتخرج البشرية من ظلم الرأسمالية إلى عدل الإسلام. من علماء وجيوش ومؤثرين وصناع الرأي ومربين وكتاب وإعلاميين… كلٌّ على ثغرة: سيُسأل يوم القيامة ما دوره في تبليغ الناس دين الله؟ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم بيان جمال