عفرين: هل إدلب هي حلب المقبلة؟
(مترجم)
الخبر:
هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يوم 15 كانون الثاني/يناير بإحباط إنشاء قوة أمن الحدود التي تدعمها أمريكا والتي يبلغ قوامها 30 ألف شخص ومعظمها من وحدات حماية الشعب (قوات شعبية كردية) في شمال سوريا. وأضاف أردوغان: “أمريكا أقرت بتشكيلها جيشاً إرهابياً على حدودنا، والمهمة التي تقع على عاتقنا هي وأده في مهده”. وحذر حلفاء تركيا من مساعدة الإرهابيين في سوريا، قائلا: “لن نكون مسؤولين عن العواقب”. وقال إن الولايات المتحدة تحاول تشكيل “جيش إرهابي” على الحدود الجنوبية لتركيا من خلال تدريب قوات الحدود السورية بما فيها المليشيات الكردية.
وتعترض تركيا على تشكيل القوة الجديدة التي تتألف في معظمها من وحدات حماية الشعب، التي تتهمها أنقرة بأنها منظمة إرهابية لصلاتها بحزب العمال الكردستاني. (جريدة حريات)
التعليق:
تعطي التصريحات التي أدلى بها أردوغان والسلطة التركية انطباعا بأن أردوغان يواجه علناً حزب العمال الكردستاني المدعوم من أمريكا وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب. والسؤال الذي يجب طرحه الآن، هل تضع تركيا مسارها الخاص وتؤمن مصالحها الخاصة في المنطقة بالتدخل العسكري في المقاطعة الكردية عفرين ضد المصالح الأمريكية والروسية؟ أم أن المخفي أعظم؟
ومن شأن هذا الادعاء أن يتجاهل دور تركيا في سوريا منذ بدء الثورة السورية. تركيا، وبصفتها حليفة وثيقة لأمريكا، قد شاركت بشكل كبير في البلد المجاور “سوريا” لسن الخطة الأمريكية فيها.
وعلى سبيل المثال: عملت كمضيفة لحكومة انتقالية علمانية مستقبلية؛ وهي واحدة من الدول “الضامنة الثلاث” إلى جانب روسيا وإيران؛ وقد تدخلت عسكريا في عمليات عبر الحدود مثل “عملية درع الفرات” في شمال سوريا إلى جانب جماعات المعارضة السورية المتحالفة مع تركيا؛ وهي تسيطر على أكبر مناطق خفض التصعيد في سوريا، إدلب.
وقد أوكلت أمريكا كل هذه المهام إلى تركيا. وينبغي أن يكون السؤال الحقيقي حقا، لماذا ينبغي استبعاد العملية العسكرية الأخيرة في عفرين من هذا التسلسل؟
ماهية الوضع الروسي والتركي بشأن عفرين: وإلى جانب هذا التوقع الثابت، فإن التصريحات السابقة للمؤسسة التركية نفسها تتناقض مع هذا الادعاء. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قال أردوغان لصحيفة حريات “إن تركيا، كجزء من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أستانة، ترصد تركيا وقف إطلاق النار داخل إدلب وروسيا خارج المقاطعة”، وذكر أردوغان أن تركيا “متضامنة مع روسيا في إدلب”. و”سيغطي هذا الاتفاق أيضا مقاطعة عفرين، لأن عفرين يمكنها أن تقدم تهديدات لنا في أي لحظة”. وأضاف أن “أعضاء المنظمة الإرهابية الانفصالية قد يحاولون الوصول إلى البحر المتوسط عبر الشمال باحتلال إدلب”، مشيرا إلى وحدات حماية الشعب.
ولذلك، فإن الصفقة الخاصة بمهاجمة عفرين قد تمت تسويتها بالفعل في أيلول/سبتمبر 2017 في قمة أستانة مع روسيا التي توسطت في هذا الاجتماع. في كانون الأول/ديسمبر بدأ المسؤولون الروس بنقل جزء من المراقبين العسكريين الروس من عفرين، وانتقلت القوات المتبقية قبل دخول تركيا لعفرين. لقد كانت مجرد صفقة تمت بموافقة روسيا..
إعطاء أمريكا الضوء الأخضر لتركيا لدخول عفرين: كما أعطى الأمريكيون الضوء الأخضر لتركيا لدخول عفرين. وقال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة العقيد ريان ديلون إن شمال سوريا ومقاطعة عفرين ليست جزءا من “منطقة العمليات ضد جماعة داعش الإرهابية، وأنها لا تدعم عناصر وحدات حماية الشعب في المنطقة”.
وجاء تصريحه ردا على سؤال وكالة الأناضول حول ما إذا كانت أمريكا أو التحالف سيدعمان عفرين حيث تعتبر العملية التركية وشيكة بالاستناد إلى تصريحات القادة الأتراك.
نحن لا نعمل في عفرين، وإنما ندعم شركاءنا في التصدي وهزيمة جيوش داعش المتبقية على طول وادي نهر الفرات، وتحديدا في مناطق شمال بو كمال، على الجانب الشرقي من نهر الفرات.
وصرح المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون لوكالة الأناضول “نحن نعترف بقلق ومخاوف تركيا إزاء هذه القوات الأمنية [الحدودية] التي يجري تدريبها، ونحن على اتصال وثيق منتظم مع حليفنا في حلف شمال الأطلسي تركيا”.
وقال المتحدث باسم البنتاجون الميجور “أدريان رانكين غالاوي” لوكالة الأناضول عبر رسالة في البريد الإلكتروني: (نحن لا نعتبرهم جزءا من العمليات التي ننفذها للتصدي لداعش، وذلك ما نقوم به هناك، ونحن لا ندعمهم) وأضاف “لسنا مشتركين معهم على الإطلاق” وقال أيضاً: “لا يوجد أي تقديم للنصح أو المشورة أو برنامج مساعدة لهم لدخول عفرين”.
المغزى الحقيقي لعملية عفرين: إذن، ما هو غرض الخداع بهذه المعلومات الملوثة، إذ منحت كل من روسيا وأمريكا موافقتهما لتركيا بشأن عفرين؟ فما هو الداعي لإخفاء ذلك؟
نعم، إن نشر الجيش السوري الحر كجزء من إزالة الحد من التصعيد يعد مشكلة. كما كانت العمليات السابقة عبر الحدود مع الجيش السوري الحر ضد نفس الجماعات الإرهابية الكردية في شمال سوريا. وكان يطلق عليها “عملية درع الفرات” أما الآن تسمى بـ”غصن الزيتون”. وفي ذلك الوقت، كانت حلب في أيدي جماعات المعارضة المتحاربة. ونشرت تركيا آلاف المقاتلين من المجموعات المتحالفة من حلب إلى شمال سوريا للانضمام إلى “عملية درع الفرات”. مما سبب ضعفا مدمرا في النظام الدفاعي في حلب، بالإضافة إلى القصف الشديد للطائرات الروسية والقوات البرية الإيرانية، وبالتالي يمكن للنظام السوري الاستيلاء على حلب بسهولة.
وبالتالي، فقد سقطت حلب بسهولة واستولى عليها النظام الوحشي وقتل المدنيون والمقاتلون الذين بقوا فيها أو أرغموا على المغادرة إلى إدلب.
وتتركز الآن غالبية الجماعات المعارضة في إدلب، والتي هي منطقة تهدئة تحت سيطرة تركيا. لا يمكن لجماعات المعارضة عبور هذه المنطقة بسهولة، بمعنى أنها محاصرة. ووفقا لاتفاقات أستانة أيضا، تقوم تركيا بنزع سلاحهم وتجريدهم من الصفة العسكرية. لكن الروس، حتى اليوم، يقصفون إدلب مع قوات النظام.
وإذا ما قامت تركيا مرة أخرى بإعادة آلاف المقاتلين من الجماعات المتحالفة لخوض معركة ليست لها أهمية أو أولوية، فإن دفاع إدلب سيتعرض لخطر مباشر.
وقد أصبحت إدلب بالفعل في موقف ضعيف، وهذا الانسحاب من عدد كبير من المقاتلين، يمكن أن يشكل الضربة الأخيرة للنظام لتدمير المعارضة الضعيفة.
إذا كانت إدلب تنتظر نفس مصير حلب، وهكذا يبدو الأمر الآن، فإن مسرحية عفرين الخاطئة ليست سوى خطة مضللة من أمريكا وروسيا لكبح الثورة السورية. وبالعودة إلى سؤال ما إذا كانت تركيا تحدد مسارها الخاص، فالجواب لا، ولا يمكن لتركيا أن تعارض الخطة الأمريكية أو الروسية، بل إنها تفرضها عليها بشكل تام!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا