“يا ويل قوم يصمتون”
الخبر:
ورد على الجزيرة نت (2018/02/20) تحت عنوان: الغوطة تغرق بالدماء والمعارضة تحذر من إبادة، أنه منذ أمس الاثنين شنّ سلاحا الجو السوري والروسي عشرات الغارات على الأحياء السكنية في مدن الغوطة الشرقية، وتزامن التصعيد السوري والروسي مع إرسال تعزيزات عسكرية مكثفة تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب العاصمة.
التعليق:
إن الدماء الزكية الطاهرة التي نزفت وستنزف من أهل الشام، المسؤول عنها والذي سيحاسب عليها هم كل من كان بيده منعها أو على الأقل تخفيفها وتنكَّب عن العمل المطلوب الذي يرضي الله وينقذه من عذابه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ».
فقادة الفصائل ومن وقف معهم وأيدهم، ممن خذلوا أهل الشام هم محاسبون عما صدر عنهم من يوم أن تحولت وجهتهم نحو إرضاء الحكام العملاء الظالمين، لتنفيذ مخططات دول الكفر الطامعة بثروات بلاد المسلمين، من يوم أن رضوا بأن يكبل أياديهم المالُ والسلاح القذر، من يوم أن صار العدو صديقا وأخاً والأخ المسلم عدوا! وسمحوا للفتنة أن تقع، فصوبوا بنادقهم نحو صدور بعضهم بعضا محدثين اقتتالا يودي بالقاتل والمقتول إلى النار، والعياذ بالله.
ما الذي حصل لكم يا قادة الفصائل ممن تاهوا الطريق؟! عودوا إلى بداية الثورة، إلى يوم خرجتم لقلع النظام، هل خرجتم عبثا لا تعرفون وجهتكم؟! وعلى من تصوبون السلاح؟! أم خرجتم وغايتكم نيل رضوان الله بتخليص المستضعفين المظلومين ممن ظلمهم وأذاقهم ألوان الذل والقهر؟! ألم تكونوا خرجتم باذلين أرواحكم رخيصة لله متوقعين نيل الشهادة في أي لحظة؟!
إن كان الأمر كذلك – ونسأل الله أن يكون كذلك – فلماذا صرتم من أشد الناس حرصا على حياة وأي حياة، حياة ذليلة مهينة مقيدة بأوامر الداعمين الذين بعتم أنفسكم لهم لتشتروا دنيا أيامها مهما طالت معدودة، هل نسيتم يوم الحساب يوم تُرَدّون إلى عالم الغيب والشهادة العادل الذي لا يُظلم عنده أحد، يوم يقف جميع من خذلتموهم وكنتم سببا في كل ما لاقوه وسوف يلاقونه، يشكونكم إلى العزيز الجبار ليقتص لهم منكم ومن كل من ظلمهم وخذلهم؟!
وأنتم يا من صمتّم صمت أهل القبور، لماذا اختبأتم وراء جدار الصمت؟! كيف تسمعون بآذانكم صيحات الأطفال وأنين الثكالى، وتشاهدون ألوانا من مشاهد العذابات وسيول وشلالات الدماء وهدم المنازل والمساجد والمستشفيات وكأنها عروضٌ على شاشات العرض السينمائية، أو تحصل بعيدا بعيدا هناك في بلاد الواق واق؟! فهلا تداركتم أمركم وأدركتم خطورة جريمة الصمت؟ واتخذتم موقفا يرضي الله تنالون به العزة في الدارين، فلا نجا من استكان وصمت ولا خاب من تاب وتوكل على الله وشمّر لنصرة إخوانه وأمته، استجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».
نسأل الله السلامة في الآخرة لجميع المسلمين وأن يكونوا من جنود وشهود عودة الحكم بنظام الإسلام متمثلا بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي الحامية والواقية، ففيها الإمام الجنة الذي يقاتل من ورائه ويتقى به.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله